وفقد الملاقى بالفتح ثم حصل العلم بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود قام ملاقيه مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي لأن أصالة الطهارة في الملاقى بالكسر معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر لعدم جريان الأصل في المفقود حتى يعارضه لما أشرنا إليه في الأمر الثالث من عدم جريان الأصل فيما لا يبتلى به المكلف ولا أثر له بالنسبة إليه فمحصل ما ذكرنا أن العبرة في حكم الملاقى بكون أصالة طهارته سليمة أو معارضة انتهى موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه وهذا هو الفرع الثالث عن الخراسانيّ قده في الكفاية كما مر واختلف الناظرون إلى عبارته هذه فقال بعضهم ان الشيخ قده من باب أن مسلكه العلية في العلم الإجمالي قال بوجوب الاجتناب عن الملاقى بالكسر والطرف كما ظنه شيخنا العراقي وقال بعضهم من باب كونه مقتضيا ويكون الأصل فيه معارضا بالأصل في الطرف يكون الاجتناب لازما لأن ملاكه جريان الأصل بلا معارض في أطرافه وهو قده أشار إليه من ان السر معارضة الأصول فلو فرض عدم معارضة أصل الملاقى بالكسر مع الطرف أمكن القول بعدم وجوب الاجتناب.
وقد أشكل عليه شيخنا العراقي قده بان كلامه متين على فرض القول بكون العلم الإجمالي علة تامة واما على فرض كونه مقتضيا فلا يتم لأن حصول العلم الإجمالي يكون بعد الملاقاة فيكون الملاقى مثل أحد الأطراف وتقدم الملاقى بالفتح رتبة لا أساس له لأن المدار على اتحاد الزمان ولا مجال للأصل على العلية.
واما على فرض القول بالاقتضاء فما ذكره الشيخ قده من عدم جريان الأصل (١) في الملاقى بالفتح لفقده وخروجه عن محل الابتلاء ممنوع لأن ما هو المسلم من عدم جريان الأصل هو عدم الجريان بالنسبة إلى الأثر المترتب على نفس المفقود واما بالنسبة إلى الأثر المترتب على غيره فلا لأن إجراء الأصل تعبد وهو قابل لئلا يجري
__________________
(١) أقول هذا وما بعده من كلامه رفع مقامه لا يكون مما يمكن الاعتناء عليه في الإفتاء وأدلة الأصول يمكن ادعاء انصرافها عن هذه الموارد ولا مجال فعلا لإطالة الكلام فيما أفاده قده.