ولا فرق في ذلك بين كون النقل أي البراءة النقليّة إرشادا إلى العقلية أو واردا عليها.
واما التفكيك بين البراءة العقلية والشرعية فيختلف الإشكال فيه حسب اختلاف المسالك في القول بالاحتياط العقلي كما عرفت عن الخراسانيّ وصاحب الحاشية وشيخنا النائيني وصاحب الفصول (قدسسرهم).
اما على مسلك الثلاثة غير الفصول فلان عدم جريان البراءة بحكم العقل لازمه عدم جريان ذلك الأصل بحكم الشرع أيضا لأن موضوع حكم العقل بالاحتياط هو تمامية البيان بحكمه وعدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان فهكذا موضوع حكم الشرع بقوله رفع ما لا يعلمون وغيره يكون هو الجهل بالواقع وحيث تم البيان إجمالا وهو كاف لا يكون الموضوع وهو الجهل متحققا فلا تجري البراءة.
لأن العلم الإجمالي على فرض تحققه على ما هو مسلك القوم اما ان يكون علة تامة لوجوب الامتثال بالنسبة إلى التكليف الّذي يكون في البين كما عن الخراسانيّ أو يكون مقتضيا كما عليه شيخنا النائيني فعلى الأول لا شبهة في عدم جريان الأصل في الأطراف وعلى الثاني يكون الأصول متعارضة ولم يكن في مورده أصل بلا معارض فيكون جاريا لأن أصالة عدم وجوب الأكثر يكون معارضا بعدم وجوب الأقل فيؤثر العلم اثره.
ولذا يكون المحقق الخراسانيّ ملتفتا إلى هذه النكتة فلم يجري الأصل في الوجوب ليقال عليه أنه معارض بل يقول بأن الأصل عدم جزئية (١) الزائد ولازمه
__________________
(١) أقول أصالة عدم الجزئية وان كانت مفيدة لرفع الارتباط أيضا ولكن بلحاظ منشأها يتحقق الرفع كما سيجيء منه أي رفع الجزء فيكون رفعه بلحاظ اثره الوضعي وهو الارتباط واثره التكليفي وهو الوجوب.
ولا يمكن ان يقال انه واجب وغير مؤثر فينتج أن الأكثر غير واجب وهذا وان كان من لوازمه عقلا ولكن يرى العرف الواسطة خفية وبالاخرة يقول لا فرق بين رفع وجوب الأكثر ونفي الجزئية ويشكل التفكيك والّذي يسهل الخطب عدم تمامية المبنى وما بنى عليه.