وهذا يكون نظير ما ورد في الاستحباب بأنه لا تنقض اليقين بالشك فان اليقين منقوض في الواقع ولا يمكن النهي عن نقضه فيكون النهي عنه بمعنى ترتيب اثره عليه ففي المقام إذا قلنا الموضوع لا يسقط بتعذر بعض اجزائه مع حكم الوجدان بسقوطه كله لا بعضه فيكون معناه ترتيب حكمه عليه أيّما كان فهذا الإشكال أيضا غير وارد.
واما تقريب النبوي الأخرى بقوله صلىاللهعليهوآله ما لا يدرك كله لا يترك كله فهو أن الموضوع الّذي لا يمكن درك كله لتعذر بعض اجزائه لا يترك كله أي البعض الباقي لا يترك ويكون موافقا للغريزة واخبارا عن هذا الأمر الغريزي وعدم سقوط الموضوع يكون لعدم سقوط حكمه واجبا كان أو استحبابا كما مرّ في السابق.
وقد أشكل في خصوص المقام بأن الظاهر من كلمة ما الموصلة هو الواحد فانه لا يحكى عن المتعدد ولو كان الوضع والموضوع له والمستعمل فيه عاما بخلاف الشيء فيكون مطابقه الفرد الّذي لا يدرك كله لا يترك كله والفرد الواحد يكون ظاهرا في المركب واما الطبيعي فصدق الواحد عليه يكون بالعناية (١).
وعليه يكون الإشكال هو عدم إمكان تصوره في المقام لأنه لو قلنا الفرد الّذي لا يدرك كله بتعذر بعض اجزائه لا يترك كله أي جميع الاجزاء وهذا غير متصور فان الّذي يتعذر بعض اجزائه كيف يمكن أن يقال يجب الإتيان بجميع اجزائه مع عدم إمكانه فلا بد أن يكون ما لا يدرك في خصوص المركب ذي الاجزاء أو العام المجموعي ليصدق ما لا يدرك كله أي جميع اجزائه لا يترك كله بل يجب الإتيان ببقية الاجزاء.
وقد أجيب عن هذا الجواب عن المنطقيين وهو ان جملة ما لا يدرك كله لا يترك كله تكون لسلب العموم لا عموم السلب بمعنى ان ما لا يدرك جميع اجزائه أو جميع افراده بنحو المجموع يعنى التام لا يترك كله يعنى تمامه بل يؤتى بالبعض الممكن منه.
__________________
(١) أقول لا عناية في صدق الواحد على الطبيعي بحسبه وكلام المنطقيين أيضا تام ويكون هو الجواب الحق إلّا انه لعله قد وقع خلط في الدرس في التعبير.