الحجة مثل الأصل المحرز كالاستصحاب أو الأمارة وإلّا يلزم أن يكون الاستصحاب والأمارات واردا على أصل البراءة من باب ذهاب الموضوع وليس كذلك بل هو مقدم من باب الحكومة.
لا يقال ظاهره الانصراف إلى الجهل المستقر وعدم العلم كذلك ومن له الحجة لا يكون جهله مستقرا فالفحص في الكتب واجب عليه.
لأنا نقول فيما لا مئونة له يكون الانصراف صحيحا كرفع اللحاف من الرّأس ليتضح بقاء الوقت وعدمه واما ما له المئونة فلا انصراف للحديث عنه.
لا يقال فحينئذ ما بقي الفرق بين الشبهات الموضوعية والحكمية بعد إطلاق حديث الرفع وساير الأدلة فكيف يقال بأن الفحص في الشبهات الحكمية واجب وفي الموضوعية لا يجب فعلى فرض الإطلاق ففي المقامين وعلى فرض عدمه أيضا ففيهما أيضا.
لأنا نقول كما قيل بأن الخصوصية في الشبهات الحكمية هي أنه لم يكن في وسع حديث الرفع البراءة من الفحص لأنه يخالف الغرض من جعل الأحكام فان الغرض من جعله هو حصول العلم للمكلفين بالتكليف ليعملوا عليه فلو قلنا بجواز ترك الفحص يلزم تعطيل الأحكام واما الموضوعات فوجودها الاتفاقي يكفى في انطباق الحكم عليه ولا يخالف الغرض من الجعل فعليه يكون الفحص في الأحكام واجبا دون الموضوعات.
هذا ما قيل ولكن بعد لا يخلو عن تأمل وهو ان الأحكام المجعولة في الشرع يكون على ثلاثة أقسام :
الأول ما يستفاد من دليله أن الشارع المقدس لا يرضى بتركه على أي تقدير ويكون الملاك هو الوصول إلى الواقع فانه يجب الاحتياط فيه من هذا الباب كما في باب الفروج والدماء.
والثاني الأحكام التي يكون الغرض منها الوصول العادي إليه بالرجوع إلى الطرق العادية ولا يكون مصلحة الجعل بحيث توجب الاحتياط.