الابتلاء مثل ما إذا علمت اما بنجاسة ثوبك أو ثوب من مكان في الديار البعيدة عنك لا يجب الاجتناب ففي المقام حيث خرج أحد الأطراف بواسطة ارتكابه عن محل الابتلاء لعدم الموضوع حتى يتوجه إليه الحكم فبالنسبة إلى الآخر تصير كالشبهة البدوية التي يكون الأصل فيها البراءة اتفاقا.
قلت مضافا إلى أن المقام لا يكون من موارد الخروج عن محل الابتلاء حيث لا يكون معناه هو الخروج بأي نحو كان ولو بارتكاب بعض الأطراف بل يكون معناه هو كون التكليف بالنسبة إليه مستهجنا كما مثلناه واما إذا كان التكليف عقلائيا ولو لم يحتج إلى ارتكاب الجميع كالإزار في الحمام فانه إذا احتمل ان يكون النجس هذا أو ذاك يجب عليه الاجتناب لحسن التكليف بالاجتناب ولو لم يكن هذا الشخص مبتلى بجميعه بل ببعضه أن العقل مستقل بعدم جواز الترخيص في محتمل المعصية مع وجود التكليف الفعلي في البين والوجدان أقوى شاهد على ما ذكرناه.
فان قلت ثانيا بأن منشأ حكم العقل بوجوب المتابعة هو انه على فرض عدمها يكون خروجا عن رسم العبودية وهذا في صورة كون التكليف مسلما يصح واما إذا لم يكن كذلك كما في المقام فلا يكون خروجا عن رسمها فان في كل طرف من الأطراف حيث يشك في وجود التكليف تجري البراءة.
قلت هذا في الشبهات البدوية اما المعلوم بالعلم الإجمالي القابل للتطبيق على هذا أو ذاك فلا يكون مما يجري الأصل بالنسبة إليه وبهذا يفارق الشبهات البدوية فتحصل انه لا شبهة في ان العلم الإجمالي يكون له نحو اقتضاء للتنجيز.
واما المقام الثاني وهو البحث عن كونه مقتضيا أو علة تامة فنقول لا شبهة أيضا على التحقيق في أنه يكون علة تامة بالنسبة إلى الامتثال ويكون حكمه تنجيزيا ولا ينوط بعدم جريان الأصل في مورده ولكن ربما يقال بأن حكمه تعليقي بتقريب ان مرتبة الحكم الظاهري منحفظة مع جريان الأصل بالنسبة إلى كل واحد من الطرفين فان عمدة الإشكال هي ان يكون جريان الأصل مناقضا للعلم وحيث ان العلم يكون بالواقع وهو منحفظ والأصل يكون جاريا في الأطراف فلا مناقضة