الكلاب خاصة ، وبعضهم حمل ذلك على الكلاب وغيرها (١).
والذي يدلّ على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة عليه ، قوله تعالى : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) الآية ، وهذا نصّ صريح على أنّه لا يقوم مقام الكلاب في هذا الحكم غيرها ؛ لأنّه تعالى لو قال : «وما علّمتم من الجوارح» ولم يقل : «مكلّبين» لدخل في الكلام كلّ جارح من ذي ناب وظفر ، ولمّا أتى بلفظة «مكلّبين» وهو يخصّ الكلاب خاصة ؛ لأنّ المكلّب هو صاحب الكلاب بلا خلاف بين أهل اللغة ، علمناه أنّه لم يرد بالجوارح جميع ما يسمّى هذا الاسم ، وانّما أراد بالجوارح من الكلاب خاصة ، ويجري ذلك مجرى قوله :
ركب القوم مهارهم |
|
مبقّرين أو محمّزين |
فانّه لا يحتمل وإن كان اللفظ الأوّل عامّ الظاهر إلّا على ركوب البقر والحمارات. فان قيل : دلّوا على أنّ المكلّبين إنّما أراد به صاحب الكلاب ، وما أنكرتم أن يريد به المضري للجارح الممرن له والمجري ، فيدخل فيه الكلب وغيره.
قلنا : ليس ينبغي أن يتكلّم فيما طريقه اللغة من لا يعرف موضوع أهلها ، ولا يعرف عن أحد من أهل اللغة العربية أنّ المكلّب هو المغري أو المضري ، بل يقولون ـ وقد نصّوا في كتبهم عليه ـ : أنّ المكلّب هو صاحب الكلاب قال النابغة الذبياني :
سرت عليه من الجوزاء سارية |
|
تزجي الشمال عليه جامد البرد |
فارتاع من صوت كلاب فبات له |
|
طوع الشوامت من خوف ومن صرد (٢) |
وفسّر أهل اللغة أنّه أراد بكلاب صاحب الكلاب مكلّب واحد.
وذكر صاحب كتاب الجمهرة : أنّ المكلب صاحب الكلاب ، وأنشد قول الشاعر :
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) ديوان النابغة الذبياني : ٢١ ، ٢٢.