ما نوى» (١) وقد علمنا أنّ الأعمال قد توجد أجناسها من غير نيّة ، فوضح أنّ المراد بالخبر أنّها لا تكون قربة شرعيّة مجزية إلّا بالنيّات.
وقوله عليهالسلام : «إنّما لامرئ ما نوى» يدلّ على أنّه ليس له ما لم ينو.
هذا حكم اللغة العربيّة ، ألا ترى أنّ القائل إذا قال : «إنّما لك درهم» ، فقد نفى أن يكون له أكثر من درهم.
والذي يدلّ على صحّة ما ذكرناه في لفظة (إنّما) أنّ ابن عباس كان يذهب إلى جواز بيع الدرهم بالدرهمين نقدا ويأبى نسيّة (٢).
وخالفه في ذلك وجوه الصحابة ، واحتجّوا عليه بنهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الذهب بالذهب والفضّة بالفضّة (٣).
فعارضهم بقوله عليهالسلام : «إنّما الربا في النسيئة» (٤).
فجعل هذا الخبر دليلا على أنّه لا ربا إلّا في النسيئة. وقول ابن عبّاس حجّة فيما طريقه اللغة ، وبعد فإن المخالفين له في هذه المسألة لم يمنعوه عن قوله من طريق اللغة ، بل من جهة غيرها ، فدلّ ذلك على ما ذكرناه.
وقد استقصينا هذه المسائل غاية الاستقصاء ، وانتهينا فيها إلى أبعد الغايات في (مسائل الخلاف) (٥).
[الثاني : قال الناصر رحمهالله :] «تخليل اللحية واجب ، كثيفة كانت أو رقيقة».
الصحيح عندنا : أنّ الأمرد وكلّ من لا شعر له على وجهه يجب عليه غسل وجهه ، وحدّ الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محادر الذقن طولا ، وما دارت السبّابة والإبهام والوسطى عرضا.
فمن كان ذا لحية كثيفة تغطّي بشرة وجهه ، فالواجب عليه غسل ما ظهر من
__________________
(١) صحيح البخاري ، ١ : ٩٢.
(٢) بداية المجتهد ، ٢ : ١٩٥.
(٣) سنن البيهقي ، ٦ : ١٤١.
(٤) نفس المصدر.
(٥) الناصريات : ١٠٨.