بشرة وجهه وما لا يظهر ممّا تغطّيه اللّحية لا يلزمه إيصال الماء إليه ويجزيه إجراء الماء على اللّحية من غير إيصاله إلى البشرة المستورة ....
وقال أبو حنيفة : يلزمه غسل ما ظهر من الوجه ومن اللّحية ربعها (١).
وقال أبو يوسف : يلزمه إمرار الماء على ما ظهر من بشرة الوجه ، فأمّا ما غطّاه الشعر فلا يلزمه إيصال الماء إليه ، ولا إمراره على الشعر النابت عليه ... (٢)
والذي يدلّ على أنّ تخليل اللّحية الكثيفة وإيصال الماء إلى البشرة لا يلزم ، بل يكفي إجراء الماء على الشعر النابت ، بعد إجماع الفرقة المحقّة قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) والذي يواجه هو اللحية دون البشرة ، لأنّ الشعر قد غطّاها ، فبطلت المواجهة فيها.
وأيضا لا خلاف في أنّ الوجه اسم لما يقع المواجهة به ، وإنّما الخلاف وقع في أنّه هل كلّما يواجه به وجه ، أم لا؟
وقد علمنا أنّ باطن اللحية وبشرة الوجه المستورة بالوجه ليس ممّا يواجه به ، فلا يلزم التّخليل.
فأمّا الحجّة على أبي حنيفة وأبي يوسف فهي قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ومن غسل بعض بشرة وجهه ، وبعض ما على البشرة من شعر لحيته ، لم يغسل جميع وجهه ، والآية تقتضي غسل جميع الوجه.
وأمّا الدليل على صحّة حدّنا في الوجه : فهو بعد الاجماع المقدّم ذكره ، أنّه لا خلاف في أنّ ما اعتبرناه في حدّنا هو من الوجه ويجب غسله ، وإنّما الخلاف فيما زاد عليه ، ومن ادّعى زيادة على المجمع عليه كان عليه الدليل (٣).
[الثالث : قال الناصر رحمهالله] : «غسل العذار واجب بعد نبات اللحية كوجوبه قبل نباتها».
هذا غير صحيح ، والكلام فيه قد بيّناه في تخليل اللّحية ، والكلام في
__________________
(١) المغني (لابن قدامة) ، ١٠١ : ١.
(٢) أحكام القرآن (للجصّاص) ، ٣ : ٣٤٣.
(٣) الناصريات : ١١٣ ، راجع أيضا الإسراء : ١٦ من الأمالي ، ١ : ٢٩.