والظاهر يقتضي تولّي الفعل حتى يستحقّ التسمية ؛ لأنّ من وضأه غيره لا يسمّى غاسلا وماسحا على الحقيقة ، وأيضا فانّ الحدث متيقّن ولا يزول إلّا بيقين ، وإذا تولّى تطهير اعضائه زال الحدث بيقين ، وليس كذلك إذا تولّاه له غيره (١).
[الحادي عشر :] وممّا ظنّ إنفراد الإمامية به القول بأنّ النوم حدث ناقض للطهارة على إختلاف حالات النائم ، وليس هذا ممّا انفردت به الإمامية ؛ لأنّه مذهب المزني (٢) صاحب الشافعي ، وقد استقصينا هذه المسألة في الكلام على مسائل الخلاف ودلّلنا على صحّتها بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ...) الآية ، وقد نقل أهل التفسير (٣) وأجمعوا على أن المراد إذا قمتم من النوم ، والآية خرجت على سبب يقتضي ما ذكرناه ، فكأنّه قال جلّ ثناؤه : وإذا قمتم إلى الصلاة من النوم ، وهذا الظاهر يوجب الوضوء من كلّ نوم وإجماع الإمامية أيضا حجّة في هذه المسألة.
وقد عارضنا المخالف لنا فيها بما يروونه في كتبهم وأحاديثهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : العين وكاء السنة فمن نام فليتوضّأ (٤) ، واستوفينا ذلك بما لا طائل في ذكر جميعه هاهنا (٥).
[الثاني عشر :] وممّا انفردت به الإمامية القول بأنّ الدم الذي ليس بدم حيض تجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه ما ينقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي وهو المضروب من درهم وثلث ، وما زاد على ذلك لا تجوز الصلاة فيه وفرّقوا بين الدم في هذا الحكم وبين سائر النجاسات من بول وعذرة ومني ، وحرّموا الصلاة في قليل ذلك وكثيره ، وكأنّ التفرقة بين الدم وبين سائر النجاسات في هذا الحكم هو الذي تفرّدوا به ...
وقد استوفينا الكلام في هذه المسألة في كتابنا المفرد لمسائل الخلاف واحتججنا على المخالفين لنا في هذه المسألة بضروب من الاحتجاجات
__________________
(١) الانتصار : ٢٩.
(٢) مختصر المزني : ٣.
(٣) الدرّ المنثور ، ٢ : ٢٦٢.
(٤) سنن ابن ماجة ، ١ : ١٦١.
(٥) الانتصار : ٢٩ وراجع أيضا الناصريات : ١٣٢.