قلنا : قد أجمع المسلمون على أنّ آية الطهارة متوجّهة إلى كلّ محدث يجد الماء ، ولا يتعذّر عليه استعماله ، ولا فرق في ذلك بين لابس الخفّ وغيره ، على أنّ من جعلها خاصّة لا بدّ له من ترك الظاهر ؛ لأنّه تعالى قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فعمّ بخطابه جميع المؤمنين ، ولابسوا الخفاف من المحدثين يتناولهم هذا الاسم.
ويدلّ على ذلك أيضا أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم توضّأ مرّة مرّة وطهّر رجليه ، اما (١) بالمسح على روايتهم ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلّا به.
وقد علمنا أنّ المسح على الخفّين يخالف ذلك الوضوء الذي بيّنه النبيّ وقال : إنّه لا يقبل الصلاة إلّا به.
فكذلك ماسح الخفّ ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أشار إلى وضوئه بالماء [و] له كيفية وقع في أعضاء مخصوصة [و] بين أنّ الصلاة لا تقبل إلّا بها. فالظاهر من كلامه أنّ كلّ ما يسمّى وضوءا متى لم يجعل على تلك الصفة والكيفية ، فالصلاة به غير مقبولة ، والتيمّم ليس بوضوء. ولا خلاف أنّ وضوء الماسح على خفّيه كوضوء غاسل رجليه أو ماسحهما في أنّ العموم يتناوله.
ويدلّ أيضا على إنكار المسح على الخفّين إجماع الإمامية ، وهي عندنا الفرقة المحقّة التي في جملتها الإمام المعصوم وقولها حجّة لا يجوز العدول عنه (٢).
[العاشر :] وممّا انفردت به الإمامية به القول بوجوب تولّي المتطهر وضوءه بنفسه إذا كان متمكّنا من ذلك فلا يجزيه سواه ، والفقهاء كلّهم يخالفون في ذلك (٣). والدليل على صحة هذا المذهب ـ مضافا إلى الإجماع ـ قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فأمرنا بأن نكون غاسلين وماسحين
__________________
(١) كذا والظاهر زيادة «اما».
(٢) الرسائل ، ٣ : ١٨٣ وراجع أيضا الناصريات : ١٢٩.
(٣) البحر الزخّار ، ٢ : ٧٦.