[التاسع : إن سأل سائل فقال :] الشيعة الإمامية تنكر المسح على الخفّين ، وخالف فقهاء العامّة في ذلك فأجازوا المسح عليهما ، أو فرّقوا بين رخصة المقيم فيه والمسافر ، إلّا ما روي عن مالك ؛ فانّه كان يبطل التوقيت في مسح الخفّين ، فلا يضرب له غاية.
وقد حكى بعض أصحابه عنه : أنّه كان يضعّف المسح على الخفين على الجملة.
الجواب :
والذي يدلّ على صحة مذهبنا في بطلان المسح على الخفين قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فأمر بغسل ومسح أعضاء مخصوصة بأسماء لها مخصوصة ؛ وقد علمنا أنّ الخفّ غير متطهر ولا فمثل (١) الحكم الأية تدلّ على مسح الرجل والخفّ لا يستحقّ هذه التسمية.
فإن قيل : قد تسمّى الخفّ رجلا في بعض المواضع ؛ لأنّهم يقولون : وطأته برجلي وإن كان فيه خفّ.
قلنا : هذا مجاز والمجاز لا يقاس عليه ، ولا يترك ظاهر الكتاب له ، والكلام محمول على حقيقته وظاهره ، إلّا إذا دلّ دليل على العدول عن الظاهر ، ولا نعرف هاهنا دليلا غير الظاهر يعدل إليه فيعد (٢).
فيجوز أن يريدوا بقولهم : «وطأته برجلي» أي اعتمدت بها اعتمادا أفضى ذلك إلى ذلك الجسم الذي قيل : إنّه موطوء ، والاعتماد بالرجل التي عليها خفّ إنما يبتدأ من الرجل في الحقيقة ، ثم ينتهي إلى الخفّ إلى ما جاوره وماسّه.
فإن قيل : فمن أين لكم وجه الأية إلى كلّ محدث ، وما ينكرون أن يكون خاصّة في غير لابس الخفّ خارجا عنه.
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) كذا في النسخة.