الموضع الذي ذكرناه (١) ولم نعرف له مخالفا في الحال ولا منازعا له (٢).
[الثاني : ممّا عاب به النظام أمير المؤمنين عليهالسلام من الأحكام الّتي ادعى انه خالف فيها جميع الأمّة ، قطع يد السارق من أصول الأصابع].
الجواب : إنا قد بينا قبل هذا الموضع أنه لا يعترض على أمير المؤمنين عليهالسلام في أحكام الشريعة ويطمع فيه من عثرة أو زلة إلّا معاند لا يعرف قدره ، ومن شهد له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه أقضى الأمّة ، وان الحق معه كيف ما دار ، وضرب بيده على صدره وقال : اللهم اهد قلبه وثبت لسانه لما بعثه إلى اليمن حتّى قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «فما شككت في قضاء بين اثنين» (٣) وقال فيه عليهالسلام : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب» (٤) لا يجوز أن يعترض أحكامه عليهالسلام ، ولا يظنّ بها إلّا الصحّة والسداد.
وأعجب من هذا كلّه الطعن على هذه الأحكام وأشباهها بأنها خلاف الإجماع ، وأي إجماع ـ ليت شعري ـ يكون وأمير المؤمنين عليهالسلام خارج منه ، ولا أحد من الصحابة الّذين لهم في الأحكام مذاهب وفتاوى [وقيام] إلّا وقد تفرد بشيء لم يكن له عليه موافق ، وما عد مذهبه خروجا عن الإجماع ، ولو لا التطويل لذكرنا شرح هذه الجملة ، ومعرفتها وظهورها يغنيان عن تكلّف ذلك ، ولو كان للطعن على أمير المؤمنين عليهالسلام في هذه الأحكام مجال ، وله وجه ، لكان أعداؤه من بني أميّة والمتقرّبين إليهم من شيعتهم بذلك أخبر ، وإليه أسبق ، وكانوا يعيبونه عليه ويدخلونه في جملة مثالبهم ومعايبهم الّتي تمحلوها [له] ولما تركوا ذلك حتّى يستدركه النظام بعد السنين الطويلة ، وفي إضرابهم عن ذلك دليل على أنه لا مطعن بذلك ولا معاب.
وبعد ، فكلّ شيء فعله أمير المؤمنين عليهالسلام من هذه الأحكام وكان له
__________________
(١) المحلّى ، ١١ : ٣٥٧.
(٢) الانتصار : ٢٦٢.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ، ١ : ٨٣ و ١١١.
(٤) المستدرك على الصحيحين ، ٣ : ١٢٦ و ١٢٧.