ذكر نفسه ، وذكر رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم كذلك وصفه بإيتاء الزكاة في حال الركوع ، فيجب أن يراعى ثبوت الصفتين معا.
وقد علمنا أن الصفة الثانية التي هي إيتاء الزكاة لم تثبت في كلّ مؤمن على الاستغراق ؛ لأن مخالفينا وإن حملوا نفوسهم على أن يجوّزوا مشاركة غير أمير المؤمنين عليهالسلام في ذلك الفعل له ، فليس يصحّ أن يثبتوه لكل مؤمن ، وسندل فيما بعد على أن المراد وصفهم بإعطاء الزكاة في حال الركوع دون أن يكون أراد أن من صفتهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ومن صفتهم الركوع ، ونبطل أيضا أن يكون المراد بالركوع الخضوع دون الفعل المخصوص عند الكلام على ما أورده صاحب الكتاب.
وإذا ثبت توجّه الآية إلى بعض المؤمنين دون جميعهم ووجدناه تعالى قد أثبت كون من أراده من المؤمنين وليا لنا على وحيه يقتضي التخصيص ونفي ما أثبته لمن عدا المذكور ؛ لأن لفظة «إنّما» يقتضي بظاهرها ما ذكرناه يبيّن صحّة قولنا : إن الظاهر من قولهم : «إنّما النحاة المدققون البصريون وإنما الفصاحة في الشعر للجاهلية» نفي التدقيق في النحو والفصاحة عمن عدا المذكورين ، والمفهوم من قول القائل : «إنما لقيت اليوم زيدا» و «إنّما أكلت رغيفا» نفي لقاء غير زيد ، وأكل أكثر من رغيف.
قال الأعشى :
ولست بالأكثر منهم حصى |
|
وإنما العزة للكاثر (١) |
وإنّما أراد نفي العزة عمن ليس بكاثر.
__________________
(١) البيت المذكور في المتن من قصيدة للأعشى قالها في منافرة علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل والقصيدة طويلة تجدها في ديوانه ص : ١٠٨ ـ ١٠٤ وأولها :
شاقتك من قلّة أطلالها |
|
بالشطّ فالوتر إلى حاجر |
إلى أن يقول :
ولست بالأكثر منهم حصى
البيت ... وقد تمثل أمير المؤمنين عليهالسلام ببيت من هذه القصيدة في خطبته الشقشقية.
شتّان ما يومى على كورها |
|
ويوم حيان أخي جابر |