منها : أن الأمة مجمعة مع اختلافها على توجهها إليه عليهالسلام ؛ لأنها بين قائل إنه عليهالسلام المختص بها ، وقائل إن المراد بها جميع المؤمنين الذي هو عليهالسلام أحدهم.
ومنها : ورود الخبر بنقل طريقتين مختلفتين ومن طريق العامة والخاصة بنزول الآية في أمير المؤمنين عليهالسلام عند تصدّقه بخاتمه في حال ركوعه ، والقصة في ذلك مشهورة ومثال الخبر الذي ذكرنا إطباق أهل النقل عليه ما يقطع به.
ومنها : أنا قد دلّلنا على أن المراد بلفظة ولى في الآية ما يرجع إلى الإمامة ، ووجدنا كلّ من ذهب إلى أن المراد بهذه اللفظة ما ذكرناه يذهب إلى أن أمير المؤمنين عليهالسلام المقصود بها ، فوجب توجهها إليه ، والذي يدل على أنّه عليهالسلام المختصّ باللفظة دون غيره أنه إذا ثبت اقتضاء اللفظة للإمامة وتوجهها إليه عليهالسلام بما بيّناه ، وبطل ثبوت الإمامة لأكثر من واحد في الزمان ثبت أنه عليهالسلام المتفرد بها ؛ ولأن كل من ذهب إلى أن اللفظة تقتضي الإمامة أفرده صلوات الله عليه بموجبها.
قال صاحب الكتاب : «واعلم أن المتعلق بذلك لا يخلو (١) من أن يتعلق بظاهره أو بأمور تقارنه ، فإن تعلق بظاهره فهو غير دال على ما ذكر ، وإن تعلق بقرينة فيجب أن يبيّنها ، ولا قرينة في ذلك من إجماع أو خبر مقطوع به.
فإن قيل : ومن أين أن ظاهره لا يدلّ على ما ذكرناه؟
قيل له : من وجوه : أحدها : أنّه تعالى ذكر الذين آمنوا من غير تخصيص بمعين (٢) أو نص عليه ، والكلام بيننا وبينهم في واحد معيّن فلا فرق بين من تعلّق بذلك في أنه الإمام وبين من تعلّق به في أن الإمام غيره وجعله نصّا فيه ، على أنه تعالى ذكر الجمع فكيف يحمل الكلام على واحد معين؟ وقوله : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) لو ثبت أنه لم يحصل إلّا لأمير المؤمنين عليهالسلام لم يوجب ذلك أنه المراد بقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) لأن صدر الكلام إذا كان عاما لم يجب تخصيصه
__________________
(١) في المغني : «لا يخلو إما».
(٢) في المغني «تخصيص لعليّ».