من حاله عليهالسلام استمرار وجوب الزكاة في الأحوال ووجوب المقادير منها التي يعدّها الناس يسارا ، فأمّا وجودا قبل مقاديرها في بعض الأحوال فغير مستنكر ولا مناف للمعلوم ، والعدد اليسير الذي أشار إليهم وإخراج أمير المؤمنين عليهالسلام من جملتهم هم الموصوفون باليسار وكثرة المال واتساعه ، ومن وجبت عليه زكاة مّا في بعض الأوقات لا يجب دخوله في جملتهم ، فبطل قول أبي هاشم : إن الذي ذكره يمنع من أن لا يراد بالآية سواه ؛ لبطلان ما جعل قوله الذي حكيناه ثمرة له ، ونتيجة على أن الذي يمنع من أن يراد بها سواه عليهالسلام قد قدّمناه وبيّناه.
فأمّا التعلّق بلفظ الجمع فقد مضى الكلام فيه.
وأمّا تعلّقه بالعمل في الصلاة فيسقط من وجهين :
أحدهما : أنه لا دليل على وقوع فعله عليهالسلام على وجه يكون قاطعا للصلاة ، بل جائز أن يكون عليهالسلام أشار إلى السائل بيده إشارة خفيفة لا تقطع منها الصلاة فهم منها أنه يريد التصدق عليه ، فأخذ الخاتم من إصبعه ، وقد أجمعت الأمة على أن يسير العمل في الصلاة لا يقطعها.
والوجه الآخر : أنه غير واجب للقطع ، على أن جميع الأفعال في الصلاة كانت محظورة في تلك الحال.
وقد قيل : إن الكلام فيها كان مباحا ثم تجدد حظره من بعد ، فلا ينكر أن يكون هذه أيضا حال بعض الأفعال ، والذي يبيّن ما ذكرناه ، ويوجب علينا القطع على أن فعله عليهالسلام لم يكن قاطعا للصلاة ولا ناقضا من حدودها ما علمنا من توجه مدح الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه بذلك الفعل المخصوص.
وقوله : «فيجب أن يحمل على ما ذكرناه من أنه أداء الواجب» إن أراد به أداءه في الصلاة فهو الذي أنكره وعدّه قطعا لها ، وإن أراد أداءه على طريق الانفصال من الصلاة فقد مضى أن الكلام يقتضي إيتاء الزكاة في حال الركوع ، والتعلق بلفظ الاستقبال قد مضى أيضا ما فيه ، وكذلك كون الركوع جهة وطريقة لفضل الزكاة ؛ لأنا قد بيّنا أن الآية لا تقتضي كون الركوع جهة وطريقة لفضل الزكاة والصلاة ، حتى يجب القصد إلى فعل أمثالها.