صحّة ما ذكرناه ، وإذا صحّ فلا نكير في إغفال من أغفل المقدّمة ؛ لأن الحجّة تقوم بنقل من نقلها ، بل ببعضهم.
فأمّا إنشاد أمير المؤمنين عليهالسلام أهل الشورى وخلوّه من ذكر المقدّمة فلا يدلّ على نفيها أو الشكّ في صحّتها ؛ لأنّه عليهالسلام قررهم من الخبر بما يقتضي الاقرار بجميعه على سبيل الاختصار ، ولا حاجة به إلى أن يذكر القصّة من أوّلها إلى آخرها وجميع ما جرى فيها لظهورها ، ولأن الاعتراف بما اعترف به منها هو اعتراف بالكل ، وهذه عادة الناس فيما يقرّرونه ، ألا ترى أن أمير المؤمنين لما أن قررهم في ذلك المقام بخبر الطائر في جملة الفضائل والمناقب اقتصر على أن قال : «أفيكم رجل قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ ابعث إليّ بأحبّ خلقك يأكل معي ، غيري» ولم يذكر إهداء الطائر وما تأخّر عن هذا القول من كلام الرسول ، وكذلك لما أن قررهم صلوات الله عليه بقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه لما ندبه لفتح خيبر ، ذكر بعض الكلام دون بعض ، ولم يشرح القصّة وجميع ما جرى فيها ، وإنّما اقتصر عليهالسلام على القدر المذكور اتّكالا على شهرة الأمر ، وأن في الاعتراف ببعضه اعترافا بكلّه ، ولا ينكر أن يكون هذه علّة من أغفل رواية المقدّمة من الرواة ؛ فإن أصحاب الحديث كثيرا ما يقولون : فلان يروي عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كذا ، فيذكرون بعض لفظ الخبر والمشهور منه على سبيل الاختصار ، والتعويل على ظهور الباقي ؛ فإن الجميع يجري مجرى واحدا ، وسنبيّن فيما بعد بعون الله ما يفتقر من الأدلّة على إيجاب الإمامة من خبر الغدير إلى المقدّمة وما لا يفتقر إليها إن شاء الله.
وأمّا الدليل على أن لفظ «مولى» تفيد في اللغة أولى فظاهر ؛ لأن من كان له أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف أنهم يضعون هذه اللفظة مكان أولى ، كما أنّهم يستعملونها في ابن العم ، وما المنكر لاستعمالها في الأولى إلّا كالمنكر لاستعمالها في غيره من أقسامها ، ومعلوم أنهم لا يمتنعون من أن يقولوا في كلّ من كان أولى بالشيء : «أنه مولاه» ، فمتى شئت أن تفحم المطالب بهذه المطالبة فأعكسها عليه ، ثمّ طالبه بأن يدلّ على أن لفظة مولى تفيد في اللغة ابن العم