بالمؤمنين من أنفسهم» على اختلاف الرواية فما ينكر أن يكون أكثر الروايات خالية منه ، واعتمادنا في خبر الغدير غير مفتقر إليه ، على أن من تعلّق بعدم الفائدة وأبطل أن يكون المراد الموالاة في الدين إنّما ينصر بذلك طريقة التقسيم ؛ لأن الطريقة الأولى لا يحتاج في إبطال قول من ادّعى إثبات الموالاة في الدين بالخبر إلى ذكر الفائدة ، بل سقط قوله بما يوجبه الكلام من حمل المعنى على ما طابق المقدّمة ، وطريقة التقسيم غير مفتقرة إلى شيء من المقدّمات وجمع الناس ، فلو صحّ أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يجمع أحدا ولا قدّم كلاما لقطعنا على أنه لم يرد الموالاة في الدّين التي تجب لسائر المؤمنين لما تقدّم بيانه ، ولأوجبنا أن يكون المراد ما ذهبنا إليه إذا بطلت سائر الأقسام.
قال صاحب الكتاب : «فإن قيل : كيف يجوز أن يكون المراد ما ذكرتموه مع تقديمه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ألست أولى بكم منكم بأنفسكم» وقد علمتم أن الجملة التابعة للمقدّمة لا بدّ من أن يراد بها ما أريد بالمقدّمة وإلّا كانت في حكم اللغو ، فإذا كان مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «ألست أولى بكم منكم بأنفسكم» وجوب الطاعة والانقياد فما عطف عليه من قوله : «فمن كنت مولاه» مثله ، فكأنه قال : فمن كنت أولى به فعليّ أولى به ، وهذا تصريح بما ذكرناه.
قيل له : لا نسلّم أن المراد بالمقدّمة معنى الإمامة (١) بل المراد بها معنى النبوّة أو المراد بها معنى الاشفاق والرحمة وحسن النظر ، يبيّن ذلك أن ظاهر اللفظ يقتضي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أولى بهم في أمر يشاركونه فيه ، وذلك لا يليق بالإمامة ، ويليق بمقتضى النبوّة ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بين لهم الشرع الذي بقيامهم به يصلون إلى درجة الثواب ، فيكون البيان من قبله والقيام به من قبلهم ، لكنّه لما لم يتمّ إلّا ببيانه صلوات الله عليه كانت منزلته في ذلك أبلغ ، فصلح أن يكون أولى وكذلك متى أريد بذلك الرأفة والرحمة والاشفاق وحسن النظر ؛ لأنّه فيما يرجع إلى الدين هو أحسن نظرا لأمته منهم لأنفسهم ، ومتى حمل الأمر على ما قالوه
__________________
(١) في نسخة المراد بها معنى الطاعة والانقياد وإنّما المراد.