وقوعها على الشرط المذكور الذي يعلم كلّ أحد أن الخلّة منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تكون إلّا عليه ؛ لأنّه لا يصحّ أن يخالّ أحدا إلّا في الإيمان وما يقتضيه الدّين ، ويذكرون أيضا في ذلك ما يروونه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل وفاته : «برئت إلى كلّ خليل من خليل فإنّ الله عزوجل قد اتّخذ صاحبكم خليلا» ويقولون : إن كان أثبت الخلّة بينه وبين غيره فيما تقدّم فقد نفاها وبرئ منها قبل وفاته ، وافسدوا حديث الاقتداء بأن ذكروا أن الأمر بالاقتداء بالرجلين يستحيل ؛ لأنهما مختلفان في كثير من أحكامهما وأفعالهما ، والاقتداء بالمختلفين ؛ والاتباع لهما متعذّر غير ممكن ولأنّه يقتضي عصمتهما ، والمنع من جواز الخطأ عليهما ، وليس هذا بقول لأحد فيهما ، وطعنوا في رواية الخبر بأن رواية عبد الملك بن عمير وهو من شيع بني أميّة ، وممّن تولّى القضاء لهم ، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت أيضا ، ظنينا في نفسه وأمانته.
وروي أنه كان يمرّ على أصحاب الحسين بن عليّ عليهماالسلام وهم جرحى فيجهز عليهم فلما عوتب على ذلك قال : إنّما أريد أن أريحهم ، وفيهم من حكى رواية الخبر بالنصب وجعل أبا بكر وعمر على هذه الرواية مناديين مأمورين بالاقتداء بالكتاب والعترة ، وجعل قوله : «اللّذين من بعدي» كناية عن الكتاب والعترة ، واستشهد على صحّة تأويله بأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير هذا الخبر بالتمسّك بهما والرجوع إليهما في قوله : «إنّي مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١) وابطل من سلك هذه الطريقة في تأويل الخبر اعتراض الخصوم بلفظ «اقتدوا» ، وأنه خطاب للجميع لا يسوغ توجّهه إلى الاثنين بأن قال : ليس ينكر أن يكون «اقتدوا» باللّذين متوجّها إلى جميع الأمة وقوله «من بعدي أبا بكر وعمر» نداء لهما على
__________________
(١) حديث الثقلين رواه طائفة من علماء السنة لا يحصون كثرة حتى أفرد السيّد ناصر حسين في تتميم العبقات لوالده السيد حامد حسين اللكهنوي مجلّدا كاملا وضمّ إليه حديث السفينة فكان حصيلة بحثه أنّ من رواه من الصحابة ٢٤ ومن التابعين ١٩ ثمّ ذكر طبقات العلماء من رواته من القرن الثاني إلى القرن الرابع عشر ، وقد ترجمه وحقّقه ونظمه الأستاذ المحقّق السيّد علي الحسيني الميلاني.