قائمة الکتاب
سورة النساء
سورة المائدة
سورة الأنعام
سورة الأعراف
ـ (قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملّتكم بعد إذ نجّنا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء الله ربّنا) [الأعراف : 89]
٢٩٧سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
سورة هود
سورة يوسف
سورة الرعد
إعدادات
تفسير الشريف المرتضى [ ج ٢ ]
تفسير الشريف المرتضى [ ج ٢ ]
تحمیل
مِنْها)؟ فيقال له : لم ينف عودهم إليها على كل وجه ؛ وإنّما نفى العود إليها مع كونها منسوخة منهيّا عنها ؛ والذي علّقه بمشيئة الله تعالى من العود إليها هو بشرط أن يأمر بها ، ويتعبّد بمثلها ، والجواب مستقيم لا خلل فيه.
وثانيها : أنّه أراد أنّ ذلك لا يكون أبدا من حيث علّقه بمشيئة الله تعالى لمّا كان معلوما أنّه لا يشاؤه ؛ وكلّ أمر علّق بما لا يكون فقد نفي كونه على أبعد الوجوه ؛ وتجري الآية مجرى قوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) (١) وكما يقول القائل : أنا لا أفعل كذا حتى يبيضّ القار ؛ أو يشيب الغراب ؛ وكما قال الشاعر :
وحتّى يؤوب القارظان كلاهما |
|
وينشر في القتلى كليب لوائل (٢) |
والقارظان لا يؤوبان أبدا ، وكليب لا ينشر أبدا ؛ فكأنّه قال : إنّ هذا لا يكون أبدا.
وثالثها : ما ذكره قطرب بن المستنير من أنّ في الكلام تقديما وتأخيرا ، وأنّ الاستثناء من الكفّار وقع لا من شعيب ؛ فكأنّه تعالى قال حاكيا عن الكفّار : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) (٣) ، إلّا أن يشاء الله أن تعودوا في ملّتنا ؛ ثمّ قال حاكيا عن شعيب : (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها) على كلّ حال.
ورابعها : أن تكون الهاء التي في قوله : «فيها» إلى القرية لا إلى الملّة ؛ لأنّ ذكر القرية قد تقدّم كما تقدم ذكر الملّة ؛ ويكون تلخيص الكلام : إنّا سنخرج من قريتكم ، ولا نعود فيها إلّا أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الإظهار عليكم ، والظّفر بكم ، فنعود إليها.
وخامسها : أن يكون المعنى : إلّا أن يشاء الله أن يردّكم إلى الحقّ ، فنكون
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٤٠.
(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذليّ ، ديوان الهذليين : ١١ / ٤٥. والقارظان هما رجلان من عنزة ؛ خرجا ينتحيان القرظ ويجتنيانه ، فلم يرجعا فضرب بهما المثل ؛ وانظر اللسان (قرظ) ، وشرح ديوان الهذليين.
(٣) سورة الأعراف ، الآية : ٨٨.