قوله تعالى : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) فيجب ثبوت هذه المنزلة لعليّ عليهالسلام من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على الإطلاق حتّى تصير كأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : اخلفني في قومي ، والمعلوم أنه لو قال ذلك لتناول حال الحياة وحال الممات فيجب لذلك أن يكون هو الخليفة [من بعده] وربّما قالوا : قد ثبت أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استخلف أمير المؤمنين عليهالسلام عند غيبته في غزوة تبوك ، ولم يثبت عنه أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم صرفه فيجب أن يكون خليفته بعد وفاته كما يجب في هارون أن يكون خليفته أبدا ما عاش ، وربما ذكّروا ذلك بأن قالوا : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت له منزلته ونفى الأشياء الأخرى فإذا كان ما نفاه بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ثابتا فالذي أثبته كمثله وهذا يوجب أنه الخليفة بعده ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نبّه بالاستثناء على هذه الحالة وإن كان مثلها لم يحصل لهارون عليهالسلام إلّا في حال حياة موسى عليهالسلام ، ...» (١).
يقال له : نحن نبيّن كيفية الاستدلال بالخبر الذي أوردته على إيجاب النص ونورد من الأسئلة والمطالبات ما يليق بالموضع ثمّ نعود إلى نقض كلامك على عادتنا فيما سلف من الكتاب فنقول : إن الخبر دالّ على النصّ من وجهين ما فيهما إلّا قوي معتمد : أحدهما : أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي» يقتضي حصول جميع منازل هارون من موسى عليهالسلام لأمير المؤمنين إلّا ما خصّه الاستثناء المتطرق (٢) به في الخبر وما جرى مجرى الاستثناء من العرف ، وقد علمنا أن منازل هارون من موسى هي الشركة في النبوة ، واخوة النسب والفضل والمحبّة والاختصاص على جميع قومه والخلافة له في حال غيبته على أمّته ، وأنه لو بقي بعده لخلفه فيهم ولم يجز أن يخرج القيام بأمورهم عنه إلى غيره ، وإذا خرج بالاستثناء منزلة النبوّة ، وخصّ العرف منزلة الاخوة في النسب ؛ لأنّ من المعلوم لكلّ أحد ممن عرفهما عليهماالسلام أنه لم يكن بينهما أخوة نسب وجب القطع على ثبوت ما عدا هاتين المنزلتين ، وإذا ثبت ما عداهما وفي جملته أنه لو بقي لخلفه ودبّر أمر امّته وقام فيهم مقامه ،
__________________
(١) المغني ، ٢٠ : ١٥٩.
(٢) في نسخة المستطرق به وفي أخرى «المنطوق به».