من موسى» بعد وفاتي أو في حال حياتي وبعد وفاتي إلّا أنّك لست بنبيّ في هذه الأحوال ، لكان الكلام مستقيما خارجا عن باب التجوّز ، ولم يمنع من صحّته أن المنزلة المستثناة لم تحصل لهارون في الحال التي تعلّق بها الاستثناء.
وأما قوله : «إن من حق الاستثناء أن يطابق المستثنى منه في وقته وانا قد علمنا أن بقوله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» أثبت له المنزلة في الوقت فيجب فيما استثني أن يتناول الوقت» فقد نقضه بجوابه لما ألزم نفسه «ألا يعلم بالقول أنّه عليهالسلام خاتم النبيّين» (١) بأنّا نعلم أنّه إذا كان المراد لا نبيّ بعد كوني نبيّا فقد دلّ على ذلك بأقوى ما يدلّ لو أراد إلّا أنه لا نبيّ بعد وفاتي ، وموضع المناقضة أنه حكم بوجوب مطابقة الاستثناء في الوقت المستثنى منه ، ثمّ جعل نفي النبوّة معلوما بأحوال لم تثبت للمستثنى منه في جميعها ؛ لأنّ ثبوته عنده يختصّ حال الحياة ونفي النبوّة يعم جميع الأحوال التي تلي كونه نبيّا وتدخل فيها أحوال الحياة والوفاة ، وفي هذا نقض منه ظاهر ، على أن ما قدّمناه من دلالة الاستثناء يبطل ما ظنّه من أن صدر الكلام أوجب ثبوت المنازل في الوقت.
وقوله : «إذا كان لو لم يستثن لوجب أن يكون شريكا في النبوّة في الحال فيجب إذا استثني أن ينتفي النبوّة في هذه الحال» باطل ؛ لأنا لا نسلّم له أولا أنه لو لم يستثن لوجب ثبوت ذلك في الحال بظاهر الكلام ، ولو سلّمناه لم يجب ما ظنّه ؛ لأن الاستثناء إنما كان يجب أن ينفي النبوّة في الحياة ولو وقع مطلقا لم يتعلّق بحال مخصوصة ، فأمّا وقد تعلّق بحال معينة ودلنا تعلّقه على ثبوت ما لم يستثن فيها لتحصيل المطابقة فالذي ذكره غير صحيح.
وأما قوله : «إنا لا نتعلق في أنه عليهالسلام خاتم الأنبياء بلفظ بل بما نعلم من دينه» فلا يتوجّه علينا ؛ لأنّ الأمر وإن كان على ما ذكره فليس يجوز أن يجعل أحد قوله عليهالسلام : «لا نبيّ بعدي» مختصّا بحال الحياة دون أحوال الوفاة ؛ لأنّه لا أحد من الأمّة ذهب إلى هذا ، وإنّما الخلاف في الاستثناء هل اختصّ بحال
__________________
(١) لا يخفى أنّ السيّد نقل كلام القاضي بمعناه دون حروفه.