المؤمنين عليهالسلام من يساوي كلّ واحد منهما في القيام بما أسند إليه ، حتّى لو عدل بالأمر إليه لقام به هذا المقام بعينه.
قلنا : قد كان ذلك جائزا ، وإنما علمنا أنه لم يقع لدليل منع منه ، لا من حيث الاستحقاق ، ولا تساوي صفة من يصلح لهذه الأمور ، فيكون تكليف هذا كتكليف ذلك لا يصحّ ، والذي نقوله : إنّه لم يكن في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من يساويه في شرائط النبوّة ، ولا كان في زمان إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام من يساويه في جميع شرائط الإمامة ، وإن جاز أن يكون قبل إمامته من يساويه في ذلك في أيّام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والوجه في المنع ممّا ذكرناه ، أنه لو جاز ما منعنا منه من الأمرين لوجب في ذلك المساوي للرسول أو الإمام أحد الأمرين ، اما أن يكون رعيّة لمن هو مساو له أو خارجا عن رعيّته ، ومستثنى به عليه ، وليس يجوز أن يكون رعية لمن يساويه كما لا يجوز أن يكون رعية لمن يفضله وقبح أحد الأمرين كقبح الآخر ، وهذا قد مضى فيما تقدّم من الكلام عند دلالتنا على أن إمامة المفضول لا تجوز ، وليس يجوز أن يكون خارجا عن رعيّته ؛ لأنّا قد علمنا أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث إلى سائر المكلّفين ، وأنه لا أحد منهم إلّا وتجب طاعته عليه ، والتصرّف على أمره ونهيه ، وكذلك نعلم أن إمامة أمير المؤمنين عامّة لسائر المكلّفين ، وأن أحدا منهم لا يخرج عنها ؛ لأن كلّ من أوجبها بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أوجبها على هذه الصفة ، والإجماع يمنع من تخصيصها بعد ثبوتها ، فبهذا علمنا أنه لم يكن في أزمانهما عليهماالسلام من يساويهما ، لا من الوجوه الفاسدة التي اعتمدها غيرنا.
فإن قيل : فإذا كانت خلافة هارون لموسى عليهالسلام في حياته إنّما ثبتت باختياره ؛ لأنكم لا توجبون فيما جرى هذا المجرى من الاستخلاف لمن يكون بأمر الله تعالى ؛ لأنّ ذلك يوجب عليكم أن يكون الله تعالى هو الذي ينصّ على أمراء الإمام وحكّامه وقضاته وجميع خلفائه ، وكان استمرارها إلى بعد الوفاة إنّما وجب أيضا من حيث ثبتت له في الحياة ، ولم يجز له صرفه عنها ، فهو عائد في المعنى إلى أمر غير واجب ، بل تابع للاختيار ، فيجب أن تقولوا في إمامة