[الثاني :] وممّا انفردت به الإمامية أنه لا يرث مع الوالدين ولا مع أحدهما أحد سوى الولد والزوج والزوجة ، وذهب فقهاء العامة إلى خلاف ذلك ، وورثوا الأخوة والأخوات مع الأمّ على بعض الوجوه (١).
دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه : بعد إجماع الطائفة الذي يتكرر قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ، وقد علمنا أن الوالدين أقرب إلى الميت من إخوته ، لأنهم يتقرّبون إليه بهما ، والوالدان يتقرّبان بنفوسهما.
وأيضا ؛ فإنّ الله تعالى جعل للوالدين حقّا عاليا ثمّ أهبطهما عنه في بعض الأحوال ولم يفرق بين الأب والأم في ذلك ، وكما أن الأخوة والأخوات لا يرثون شيئا مع الأب كذلك يجب أن لا يرثوا مع الأم (٢).
[الثالث :] وممّا انفردت به الإمامية أنهم ذهبوا فيمن يموت ويخلف والديه وبنته أن للبنت النصف وللأبوين السدسين وما يبقى يرد عليهم على حساب سهامهم. وخالف باقي الفقهاء في ذلك وذهبوا إلى أن للبنت النصف وللأم السدس وللأب ما يبقى وهو الثلث.
دليلنا على صحّة قولنا الإجماع المتردّد ، ولأن الأبوين لهما السدسان بظاهر الكتاب وللبنت النصف بظاهره أيضا ، ويبقى السدس فيجب أن يكون مردودا على الجماعة بقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) فكيف يجوز هذا الباقي للأب وإنّما له السدس مع الولد ، فإذا قالوا : بالخبر المتضمّن لذكر العصبة ، فقد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية (٣) ، ولأن خبرهم إذا صحّ يقتضي أن تبقي الفرائض شيئا وهاهنا ما أبقت الفرائض شيئا بل قد استوفى النص جميع المال (٤).
__________________
(١) راجع أحكام القرآن (للجصّاص) ، ٢ : ٨٢.
(٢) الانتصار : ٢٨٧.
(٣) تقدّم في سورة النساء ، الآية : ٧.
(٤) الانتصار : ٢٩٧.