(إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) (١) فشرط في توريث الأخت فقد الولد فيجب أن لا تعطي الأخت مع البنت لأنها ولد ، وذلك أنه تعالى إنما شرط في هذا الفرض المخصوص للأخت فقد الولد ، وليس ذلك بمانع من أن ترث مع فقد هذا الشرط بسبب آخر ، فإنّ تعليق الحكم بشرط لا يدلّ على ارتفاعه مع فقد الشرط على ما بيّناه في كتاب أصول الفقه (٢).
ويمكن أن يقال أيضا لمخالفينا في هذه المسألة أنّ الأناث لا يرثن بالتعصيب مع فقد إخوتهن على رأي من ذهب إلى التوريث بالتعصيب ، ألا ترى أن البنات وبنات الابن لا يرثن بالتعصيب إذا انفردت ، فلو ورثت الأخت بالتعصيب إذا انفردت لكانت بنت الابن أولى من الأخت بما فضل من فرض البنات.
وإذا كنا قد دللنا على بطلان الميراث بالعصبة فقد بطل كلّ ما بينه مخالفونا من المسائل في الفرائض على هذا الأصل ، وهي كثيرة ولا حاجة بنا إلى تفصيلها وتعيين الكلام في كلّ واحد منها ؛ لأنّ إبطالنا الأصل الذي تبنى عليه هذه المسائل قد أغنى وكفى.
فمن هذه المسائل أن يخلف الرجل بنتا وعمّا فعند المخالف أنّ للبنت النصف والباقي للعمّ بالعصبة ، وعندنا أنّه لا حظّ للعمّ والمال كلّه للابنة بالفرض والردّ ، وكذلك لو كان مكان العمّ ابن عمّ ، وكذلك لو كان مكان البنت ابنتان ، ولو خلّف الميت عمومة وعمّات ، أو بني عمّ وبنات عمّ فمخالفنا يورّث الذكور من هؤلاء دون الإناث ؛ لأجل التعصيب ، ونحن نورّث الذكور والإناث. ومسائل التعصيب لا تحصى كثرة.
وحجّتنا على صحّة ما نذهب إليه في هذه المسائل كلّها ما بيّنا صحّته من إبطال التعصيب والتوريث به ، فإن قيل : إذا كنتم تستدلّون على أنّ العمّات يرثن
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٧٦.
(٢) الذريعة ، ١ : ٤٠٦ وتقدّم أيضا في المقدّمات.