وفعله ، فإن قالوا : البنت لا تعقل عن أبيها ، قلنا : والأخت أيضا لا تعقل عن أخيها فلا تجعلوها عصبة مع البنات.
فإن تعلّقوا بما رووه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه أعطى الأخت مع البنت (١) ، قلنا : هذا حديث لو صح وبرئ من كلّ قدح لكان مخالفا لنصّ الكتاب للقربى ؛ لأنّ الله تعالى قال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢) فنصّ على القربى وتداني الأرحام سبب في استحقاق الميراث والبنت أقرب من الأخت وأدنى رحما ، وخبرهم الذين يعوّلون عليه في توريث الأخت مع البنت ، رواه الهذيل بن شرحبيل أنّ أبا موسى الأشعري سئل عن رجل ترك بنتا وابنة ابن وأختا من أبيه وأمّه ، فقال : لابنته النصف وما بقي فللأخت (٣).
وبخبر يرويه الأسود بن يزيد قال : قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأعطى البنت النصف ، والأخت النصف ولم يورّث العصبة شيئا (٤).
فأمّا الخبر الأوّل فقد قدح أصحاب الحديث في روايته وضعّفوا رجاله وقيل : إنّ هذيل بن شرحبيل مجهول ضعيف ، ولو زال هذا القدح لم يكن فيه حجّة ؛ لأن أبا موسى ليس في قضائه بذلك حجّة ، ولأنه ما أسنده عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكذلك القول : في خبر معاذ. وليس في قولهم أنّه كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة ؛ لأنّه قد يكون على عهده ما لا يعرفه ، ولو عرفه لأنكره. وقد امتنع من توريث الأخت مع البنت من هو أقوى من معاذ ، وهو أولى بأن يتبع وهو ابن عباس.
وفي حديث معاذ أيضا ما يقتضي بطلان قول من يذهب إلى أنّ الأخت تأخذ بالتعصيب مع البنت ؛ لأنّه قال : ولم يورث العصبة شيئا ؛ لأنّها لو كانت عصبة في هذا الموضع لم يقل ذلك ، بل كان يقول : ولم يورّث باقي العصبة شيئا ، وليس يجوز أن يستدلّ على أنّ الأخت لا ترث مع البنت بقوله تعالى :
__________________
(١) صحيح البخاري ، ٨ : ١٨٩.
(٢) سورة الأنفال ، الآية : ٧٥.
(٣) نفس المصدر ، ٨ : ١٨٨.
(٤) نفس المصدر.