دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ، وما شاء ربك من الزيادة : واستشهد على ذلك بقول الشاعر :
وكلّ أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر أبيك إلّا الفرقدان (١) |
معناه : والفرقدان ، ويقول الآخر :
وأري لها دارا بأغدرة السّي |
|
دان لم يدرس لها رسم (٢) |
إلّا رمادا هامدا دفعت |
|
عنه الرّياح خوالد سحم |
والمراد ب «إلّا» هاهنا الواو ؛ وإلّا كان الكلام متناقضا.
والوجه الرابع : أن يكون الاستثناء الأوّل متّصلا بقوله : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) ؛ وتقدير الكلام : لهم في النار زفير وشهيق إلّا ما شاء ربك من أجناس العذاب الخارجة عن هذين الضربيّن ، ولا يتعلّق الاستثناء بالخلود.
فإن قيل : فهبوا أنّ هذا أمكن في الاستثناء الأوّل ، كيف يمكن في الثاني؟.
قلنا : يحمل الثاني على استثناء المكث في المحاسبة والموقف ، أو غير ذلك ممّا تقدّم ذكره.
والوجه الخامس : أن يكون الاستثناء غير مؤثّر في النقصان من الخلود ؛ وإنّما الغرض فيه : أنّه لو شاء أن يخرجهم وأن لا يخلدهم لفعل ، وأنّ التخليد
__________________
(١) البيت من شواهد سيبويه (الكتاب ١ / ٣٧١) ، ونسبه إلى عمرو بن معدي كرب ، وأورده شاهدا على نعت «كلّ» ، بقوله : «إلا الفرقدان» ؛ على تأويل «غير». وفي حاشية بعض النسخ : قوله «إلا الفرقدان» قيل «إلا» بمعنى غير ، والتقدير : غير الفرقدين ، ومثله قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) أي غير الله.
(٢) أغدرة السيدان : موضع وراء كاظمة ؛ بين البصرة والبحرين ؛ كذا ذكره ياقوت واستشهد بالبيت والبيتان من قصيدة مفضلية ؛ للمخبل السعدي ؛ وقبلهما :
ذكر الرّباب وذكرها سقم |
|
فصبا ، وليس لمن صبا حلم |
وإذا ألم خيالها طرفت |
|
عيني ، فماء شؤونها سجم |
كاللؤلؤ المسجور أغفل في |
|
سلك النّظام فخانه النّظم |
وانظر المفصليات ١١٣ ـ ١١٨ (طبعة المعارف).