قلنا : إذا كان لا يجد عن هذه الأفعال محيصا ولا بدّ من أن يكون الولاية سببا لذلك ، ولو لم يتوصّل لم يلزمه أن يفعل هذه الأفعال القبيحة ؛ فانّ الولاية حينئذ تكون قبيحة ، ولا يجوز أن يدخل فيها مختارا.
فإن قيل : أرأيتم إن أكره على قتل النفوس المحرّمة ، كما أكره على الولاية ، أيجوز له قتل النفوس المحرمة؟
قلنا : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ الإكراه لا حكم له في الدماء ، ولا يجوز أن يدفع عن نفسه المكروه بإيصال ألم إلى غيره على وجه لا يحسن ولا يحلّ.
وقد تظاهرت الروايات عن أئمتنا عليهمالسلام بأنّه لا تقية في الدماء (١). وإن كانت مبيحة لما عداها عند الخوف على النفس.
فإن قيل : فما عندكم في هذا المتولّي للظالم ـ ونيّته معقودة على أنّه إنّما دخل في هذه الولاية لإقامة الحدود والحقوق ـ إن منعه من هذه الولاية ، أو ممّا يتصرّف فيه فيها مانع من الناس ورام الحيلولة بينه وبين أغراضه ، كيف قولكم في دفعة عن ذلك وقتاله؟
قلنا : هذه الولاية إذا كانت حسنة أو واجبة عند ثبوت شرط وجوبها ، وبيّنا أنّها في المعنى من قبل إمام الحقّ وصاحب الامر ، وإن كانت على الظاهر الذي لا معتبر به كأنّها من قبل غيره ، فحكم من منع منها وعارض فيها حكم من منع من ولاية من ينصبه الإمام العادل في دفعه بالقتل والقتال ، وغير ذلك من أسباب الدفع.
فإن قيل : كيف السبيل إلى العلم بأنّ هذا المتولّي في الظاهر من قبل السلطان الجائر بحقّ لا تحل معارضته ومخالفته ، وهو على الظاهر متولّ من قبل الظالم الطاغي الذي يجب جهاده ولا يحسن إقرار أحكامه.
فإن قلتم : الطريق إلى ذلك أن نجد من يعتقد المذهب الحقّ المتولي (٢) من قبل الظلمة والمتغلّبين مختارا فنعلم أنّه ما اعتمد ذلك إلّا لوجه صحيح اقتضاه.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١١ / ٤٨٣ ب ٣١.
(٢) في المطبوع : يلى.