هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا ، وخالف باقي الفقهاء فيه ، فذهبوا إلى أنّ ولد البنت لا يحجبون (١).
وفي بعض المتقدّمين من لم يحجب بولد الابن كما لم يحجب بولد البنت ، وفقهاء الأعصار إلى الآن يحجبون بولد الابن وإن سفل.
والدليل على هذه المسألة بعد الإجماع المتقدّم : أنّ ولد البنت يقع عليهم اسم الولد ، كما أنّ ولد الابن يقع عليهم هذا الاسم ، وجميع ما علّق الله تعالى من الأحكام بالولد فإنه قد عمّ به ولد الولد ، كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ) إلى قوله : (وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ) (٢). وقوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَ) (٣) فعمّ الحكم بذلك أولاد الأولاد بظاهر الاسم وعموم اللفظ.
وإذا كان أولاد البنت يقع عليهم اسم الولد كوقوعه على ولد الابن ، حجبوا الزوجة من الربع إلى الثمن ، كما يحجب أولاد الابن.
فإن قيل : ولد الولد يقع عليهم اسم الولد على سبيل المجاز لا الحقيقة.
قلنا : هذا إقرار بلا برهان ، وإذا وقع اسم الولد على ولد الولد فالظاهر أنّه حقيقة ، لأنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة ، والمجاز طار عليها ، ومن ادّعى المجاز في لفظ مستعمل فعليه الدليل ، لأنّه عادل عن الظاهر.
فإن قيل : لو حلف رجل بالطلاق أن لا ولد له لم يحنث إلّا أن ينويهم ، فدلّ ذلك على أنه مجاز ، فلو كانت حقيقة لحنث من غير نيّة.
__________________
(١) المغني (لابن قدامة) ، ٧ : ٩٣.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٢٣.
(٣) سورة النور ، الآية : ٣١.