(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) إلى قوله : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) ، ثمّ أمر الجنب بالغسل بقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (١) فمن كان محدثا جنبا وجب عليه الأمران جميعا.
قلنا له : أمّا الآيتان لا حجّة لكم فيهما ، لأنّ الله تعالى لما قال : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) لم يكن بدّ من إضمار حدث يتعلّق به وجوب الوضوء ؛ لأنّ الوضوء لا يجب بالقيام إلى الصلاة ، ولا بإرادة القيام إليها.
وليس مخالفونا بأن يضمروا (وأنتم محدثون على كلّ حال) بأولى منّا إذا أضمرنا (وأنتم محدثون الحدث الذي لا ينضم إليه الجنابة) ، لأنّ لفظ الظاهر لا يقتضي قولهم ولا قولنا ، وإنّما يكون حجّة لهم ولنا بالاضمار الذي ليس هو لفظ الآية ، فإذا لا حجّة في ظاهرها لهم. وإذا قمنا مقامهم في الاضمار وهو دليلهم ، سقط استدلالهم بها ، على أن اضمارنا أولى من اضمارهم بالأدلة التي تقدمت (٢).
[الثاني : قال الناصر :] «ومن لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا ، وجب عليه أن يصلّي بغير طهارة ، فإن وجد الماء والتراب بعد مضيّ وقتها ، فلا إعادة عليه».
وليس لأصحابنا في هذه المسألة نصّ صريح ، ويقوى في نفسي أنّه إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا فإنّ الصلاة لا تجب عليه ، وإذا تمكّن من الماء أو من التراب النظيف قضى الصلاة وإن كان الوقت قد خرج ، وهو مذهب أبي حنيفة ، وفي بعض الرّوايات عن محمّد (٣) ، وفي رواية أخرى عنه : أنّه يصلّي ويعيد (٤).
وقال الشافعي ، وأبو يوسف : يصلّي بغير طهارة ثمّ يقضي (٥).
الدليل على صحّة ما اخترناه : قوله تعالى : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٦.
(٢) الناصريات : ١٤٣.
(٣) الأصل (للشيباني) ، ١ : ١١٢ والمغني (لابن قدامة) ١ : ١١٢.
(٤) الأصل (للشيباني) ، ١ : ١٢٥.
(٥) الأم : ١ : ٦٨ ، الأصل (للشيباني) ، ١ : ١١٢.