حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) فمنع من فعل الصلاة مع الجنابة إلّا بعد الاغتسال.
وأيضا قوله عليهالسلام : «لا يقبل الله صلاة بغير طهور» (١).
والطهور هو الماء عند وجوده ، والتراب عند فقده ، وقد عدمهما جميعا فوجب أن لا تكون له صلاة.
وليس للمخالف أن يتعلّق بقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) (٢) وقوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) (٣) لأنه تعالى إنما أمرنا بإقامة الصلاة ، وهذه ليست بصلاة لأنّها بغير طهارة ولا يتناولها الاسم (٤).
[الثالث : قال الناصر رحمهالله :] «الدلك شرط في صحّة الوضوء».
عندنا : أنّ إمرار اليد على الجسد في غسل الجنابة غير واجب ، وكذلك في الوضوء ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي (٥).
وقال مالك : لا يجزيه حتّى يدلك ما يغسله ويمرّ يده عليه ؛ وهو مذهب الزيّديّة.
دليلنا بعد اجماع الفرقة المحقّة قوله تعالى : (حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
وقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (٦).
ولا شبهة في أنّه يسمّى مغتسلا ، وإن لم يدلك بدنه ويمرّ يده عليه (٧).
[الرابع : قال الناصر رحمهالله :] «الماء إذا خالطه طاهر فغيّر إحدى صفاته لا يجوز الوضوء به».
الصحيح عندنا : أنّ الماء إذا خالطه بعض الأجسام الطاهرة ـ من جامد أو مائع ـ فلم يثخن به ، ولم يخرج عن طبعه وجريانه ، ويسلبه إطلاق اسم الماء
__________________
(١) صحيح مسلم ، ١ : ٢٠٤ / ٢٢٤.
(٢) سورة الإسراء ، الآية : ٧٨.
(٣) سورة هود ، الآية : ١١٤.
(٤) الناصريات : ١٦١.
(٥) المغني (لابن قدامة) ، ١ : ٢١٨.
(٦) سورة المائدة ، الآية : ٦.
(٧) الناصريات : ١٢٥.