وجاريا مجرى قوله : من أكل إلّا طعامي عاقبته ، ومن أكل طعامي عاقبته ، فلما حسن ذلك مع استعمال لفظة «غير» ولم يحسن مع استعمال لفظة «إلّا» دلّ على صحّة قولنا.
فأمّا قوله : «وبيّن ما قدمناه أنّ اتباع سبيل المؤمنين لو لم يكن حجّة وصوابا ، لكان حاله في أنّه قد يكون صوابا وخطأ بحسب قيام الدلالة على ذلك حال اتباع غير سبيلهم ، في أنّه قد يكون صوابا وخطأ ولو كان كذلك لم يصحّ أن يعلّق الوعيد باتباع غير سبيلهم ، وكان يبطل معنى الكلام» (١) من حيث علم أن ذلك لا يكون إلّا خطأ ويكون اتباع سبيلهم مما يجوز أن يكون خطأ وصوابا ، ولو لم يكن كذلك وكان الأمران متساويين لجاز أن يعلّق الوعيد بأحدهما دون الآخر ، ويكون الصّلاح للمكلّفين أن يعلموا حظر اتباع غير سبيلهم بهذا اللفظ ويعلموا مساواة اتباع سبيلهم له في الحظر بدليل آخر كما يقوله [أكثر خصومنا (٢)] وهو مذهب صاحب الكتاب. إنّ قوله [عليهالسلام] «في سائمة (٣) الغنم الزكاة» لا يجب أن يفهم منه رفع الزكاة عمّا ليس بسائم ، ومفارقة حاله لحال السائمة ، بل يجوز أن يكون الحكم واحدا نعلمه في السائمة بهذا القول ، وفي غيرها بدليل آخر.
وبمثل هذه الشبهة التي تشبّث بها صاحب الكتاب يتعلّق من خالفنا في دليل الخطاب فيقول : لو لا أنّ حكم ما ليس بسائم مخالف للسائم لم يكن لتعليق (٤) الزكاة بالسائمة معنى ، وإذا علّق بالسائمة وجب أن يخالف حكمها حكم ما ليس بسائم ، ولا طريق لجميعنا إلى إبطال هذه الطريقة إذا تعلّق بها الناصر لدليل الخطاب إلّا ما سلكناه في دفع ما أورده في نصرة الاجماع.
ولا يزال هؤلاء القوم على سنن (٥) من نصرة مذاهبهم ، والذبّ عنها حتّى
__________________
(١) المغني ١٧ : ١٦٢.
(٢) ما بين المعقوفين من تلخيص الشافي للشيخ الطوسي.
(٣) السائمة الماشية التي ترسل للمرعى ولا تحتاج إلى العلف وجمعها سوائم.
(٤) في نسخة : المتعلق.
(٥) السنن : الطريق.