ذلك في الثاني بأن يقال : لا قائم هذا ولا لا قائم ، ومن المعلوم أنّ هذا الفرق لا يوجب ما ذكر ، كيف لا!؟ وبين العلم والجهل والقدرة والعجز والغنى والفقر تقابل العدم والملكة ، ويستحيل اتّصافه ـ تبارك وتعالى ـ بالجهل والعجز والفقر مع أنّ اتّصافه بالعلم والقدرة والغنى ضروريّ له ، وفي الممكن بالعكس.
ويكفي في تقابل العدم والملكة أن يكون أحد الأمرين له شأنيّة الوجود ولو باعتبار نوعه أو جنسه ، كما في العقرب ، فإنّه ـ على ما هو المعروف ـ ليس من شأن نوعه أن يكون بصيرا لكن يكون من شأن جنسه ذلك.
هذا كلّه ما يرجع إلى كلام شيخنا الأستاذ.
وأمّا الجواب عمّا أفاده في الكفاية من الوجوه الثلاثة :
فعن الأوّل : أنّ المراد من إمكان حصول ذي المقدّمة إن كان الإمكان الذاتي ، فلا يفرق بين إتيان المقدّمات وعدمه في إمكان حصول ذي المقدّمة ذاتا ، فهو ممكن قبل إتيان مقدّماته وبعده ، كما أنّ القدرة عليه حاصلة ، سواء أتى بمقدّماته أو لم يأت ، غاية الأمر تكون القدرة في صورة عدم الإتيان بالواسطة وفي صورة الإتيان بلا واسطة.
وإن كان المراد منه الإمكان القياسي بمعنى الإمكان بالقياس إلى عدم هذه المقدّمة. وبعبارة أخرى : يكون الغرض من الإيجاب تمكّن الوصول من ناحية هذه المقدّمة ، فأيّ غرض يترتّب على إيجاب هذه المقدّمة ، وأيّ فائدة تحصل من إتيانها مع عدم حصول الواجب وترتّبه على إتيان ما يكون واجبا حيث إنّ الاختيار من المقدّمات؟ وعلى مسلكه لا يمكن تعلّق التكليف به ، وإنّما هو لغو محض.
فالإنصاف أنّ إمكان الحصول ليس غرضا ، بل الغرض هو إمكان