يعصي مرّة ثم يعصي مرّة أخرى ، كما هو الظاهر ـ فمن المعلوم أنّ المقام ليس من هذا القبيل ، إذ لم تتحقّق المعصية الصغيرة من تارك الواجب إلّا مرّة واحدة ، إذ بترك إحدى المقدّمات امتنع عليه إتيان الواجب ، فمرّة واحدة تحقّق منه عصيانات متعدّدة ، كالنظر مرّة واحدة بأجنبيّات متعدّدة ، ولا تكرّر فيها أصلا.
وإن كان المراد من الإصرار هو التعدّد ، سواء كان مرّة واحدة أو مرّات عديدة ، فلا يفيد أيضا ، لما ذكرنا سابقا من أنّ ترك الواجبات الغيريّة لا يكون مبعّدا وموجبا للفسق زائدا على مبعّديّة الواجب النفسيّ وموجبيّته للفسق ، فعلى القول بوجوب المقدّمة وإن ترك واجبات متعدّدة إلّا أنّ المعصية واحدة ، وليست بمتعدّدة ، فليست هذه الثمرة أيضا بثمرة.
ومنها : عدم جواز أخذ الأجرة عليها إن قلنا بوجوبها ، والجواز إن قلنا بعدمه.
وفيه : أنّ وجوب الشيء لا يكون مانعا من جواز أخذ الأجرة عليه ما لم يعلم من دليل الوجوب أنّه وجب مجّانا وأراد المولى وألزم المكلّف عليه مشروطا ، بأن لا يأخذ الأجرة بإزائه ، وكثير من الواجبات الكفائية من هذا القبيل ، كالخياطة والطبابة والصياغة وغير ذلك ممّا لا إشكال في جواز [أخذ] الأجرة عليها مع أنّها ممّا يجب كفاية ، لاختلال النظام بدونها.
نعم ، العباديّة مانعة ـ على قول المشهور ـ من جواز أخذ الأجرة على العبادة ، ولكن لا ربط له بالمقام ، إذ المانعيّة ثابتة في المقدّمات العبادية سواء قلنا بوجوبها أم لا.
ومنها : صحّة المقدّمة العبادية إن كانت محرّمة ، كالوضوء في الدار الغصبيّة ـ على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي ـ إن قلنا بوجوب المقدّمة ،