وبطلانها إن لم نقل بوجوبها ، أو قلنا بالوجوب ولم نقل بجواز اجتماع الأمر والنهي.
وقد أورد عليه في الكفاية (١) بوجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّ عنوان المقدّمة حيثيّة تعليليّة لا تقييديّة ، فالمأمور به على القول بالملازمة هو ذات المقدّمة وما يكون بالحمل الشائع مقدّمة ، لا عنوان المقدّمة ، وحينئذ فالمقام من باب النهي في العبادة أو المعاملة ، لا من باب اجتماع الأمر والنهي ، فإنّ ذات المقدّمة محرّمة ، وهي بعينها أيضا مأمور بها على الملازمة ، فالنهي تعلّق بذات المقدّمة التي تكون عبادة بمقتضى الملازمة.
أقول : هذا الإيراد غير وارد ، إذ المقدّميّة وإن كانت حيثيّة تعليليّة لا تقييديّة فتكون ذات المقدّمة مأمورا بها إلّا أنّ الواجب على ذلك إنّما هو طبيعيّ المقدّمة لا خصوص الفرد المحرّم منها ، والنهي المتعلّق بهذا الفرد ليس بعنوان المقدّميّة حتى يكون من قبيل النهي في العبادة ، بل بعنوان آخر ، كالغصب وغيره.
مثلا : الوضوء في الدار الغصبيّة مأمور به من جهة كونه مقدّمة بالحمل الشائع ، ومنهيّ عنه من جهة صدق عنوان الغصب ، وهذا بعينه هو اجتماع الأمر والنهي في أمر واحد شخصي من جهتين.
الثاني : أنّه لا يلزم الاجتماع على تقدير كونه من هذا الباب ، لأنّ المقدّمة المحرّمة إمّا منحصرة أو لا ، فعلى الثاني يختصّ الوجوب بالمباحة ، لأنّ الوجوب بحكم العقل ، وهو لا يحكم أزيد من هذا المقدار ، وعلى الأوّل يكون من باب التزاحم ، فإمّا أن تسقط الحرمة من المقدّمة إن كان وجوب ذيها أهمّ ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٥.