فظهر ممّا ذكرنا أنّ احتمال الاستحالة لا يصلح للمانعيّة ، بل المانع هو ثبوت الاستحالة ، وعلى فرض كون الاحتمال أيضا مانعا في المرتبة الفعلية والواقع لا يضرّ بجريان الأصل في مرتبة الوصول والتنجّز والحكم الظاهري.
الثاني : أيضا ما أشار إليه في الكفاية (١) من أنّ وجوب المقدّمة من قبيل لوازم الماهيّة ، ولا يمكن تعلّق الجعل به ، فلا يمكن رفعه بالأصل كما لا يمكن وضعه.
وأجاب عنه ـ قدسسره ـ بأنّه وإن لم يكن مجعولا مستقلّا لا جعلا بسيطا ـ الّذي هو مفاد «كان» التامّة وجعل الشيء كخلق السماوات ـ ولا مركّبا ـ الّذي هو مفاد «كان» الناقصة وجعل الشيء شيئا كجعل الرّجل أميرا ـ إلّا أنّه مجعول تبعا لجعل وجوب ذي المقدّمة ومن لوازمه ، فيكون تحت القدرة بالواسطة ، ويمكن جعله بواسطة جعل ذي المقدّمة ، فله أن يجعله وأن لا يجعله.
أقول : ما أفاده من إمكان تعلّق الجعل بلوازم الماهيّة ، لأنّها مقدورة بالواسطة ، متين لا ريب فيه كبرى.
وأمّا تسليم أنّ الوجوب في المقام من قبيل لوازم الماهيّة وصغرى لتلك الكبرى المسلّمة فممنوع ، إذ لازم الماهيّة إمّا يطلق على خارج المحمول ، كالإمكان بالنسبة إلى الإنسان الّذي لم يكن شيء بإزائه في الخارج ، وإمّا يطلق على لازم جميع الوجودات في أيّ وعاء كان ، كالزوجيّة للأربعة ، ومن المعلوم أنّ وجوب المقدّمة ليس من قبيل شيء منهما ، بل هو معلول لوجوب ذيها ، كما أنّ الحرارة معلولة لوجود النار ، فوجوب المقدّمة ووجوب ذيها وجودان مستقلّان في الخارج غاية الأمر أنّ أحدهما يتبع الآخر بوجوده الواقعي ، فهو
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٦.