خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا.
وفيه : أنّه إن كان المراد من الجواز الإباحة ، فالملازمة الأولى ممنوعة ، لأنّ الأشياء وإن لا تخلو عن حكم من الأحكام إلّا أنّها كذلك في نفسها من دون طريان مانع وعروض عنوان ثانوي ، وأمّا معه فيمكن أن يكون الشيء غير محكوم بحكم شرعا. وهذا مثل استدبار الجدي [الملازم] لاستقبال القبلة ، فإنّه في نفسه مباح شرعا لكنّه بعد وجوب استقبال القبلة للصلاة لا يحكم بحكم شرعا ، إذ الوجوب مولويّا لغو بعد حكم العقل مستقلّا بلزوم الإتيان لتحصيل غرض المولى ، والحرمة منافية لوجوب الاستقبال ، والإباحة الشرعية ترخيص في ترك الواجب ، فهو غير محكوم بحكم من الأحكام ، وهكذا المقدّمة في نفسها لها حكم لكن بعد طروّ عنوان المقدّميّة ووجوب ذيها غير محكوم بحكم شرعا.
وإن كان المراد من الجواز عدم المنع الشرعي ، فلزوم أحد المحذورين المذكورين ممنوع ، لأنّها لو لم تكن ممنوعة شرعا وحكم العقل بلزوم الإتيان للوصول إلى مراد المولى ، لا يلزم شيء من المحذورين ، كحكم العقل بوجوب الصلاة إلى أربع جوانب ، فإنّ عدم المنع شرعا لا ينافي إلزام العقل بالإتيان.
وإن كان المراد عدم المنع شرعا وعقلا ، فهو واضح البطلان وخلاف الوجدان وما يقتضيه واضح البرهان من حكم العقل بلزوم إتيان ما يتوقّف تحصيل غرض المولى عليه.
هذا ، وقاعدة الملازمة بين الحكمين وأنّ كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع لا تجري هنا ، إذ موردها الأحكام المستقلّة العقليّة ، كحسن العدل وقبح