متعلّق الإرادة التشريعيّة فهو فعل العبد ، ويمكن للمولى الوصول إلى المراد بإيجاب ذي المقدّمة على العبد وإرادته ، وأمّا إرادة المقدّمات فلا ربط لها بالمولى ، وإنّما هي من توابع إرادة العبد ، فحيث إنّ العبد لا يصل إلى مراد مولاه إلّا بإتيان تلك المقدّمات فالعقل يحكم بإتيانها تحصيلا لغرض المولى ، فاللزوم عقليّ لا شرعيّ يكشفه العقل.
الثاني : ما أفاده صاحب الكفاية (١) من أنّا إذا راجعنا إلى أنفسنا نرى أنّ الإنسان إذا أراد شيئا أراد مقدّماته لو التفت إليها ، ولذا ربما يجعلها في حيّز الطلب ويقول : «ادخل السوق واشتر اللحم».
وفيه : أنّ الكلام ليس في الأمر النفسانيّ الّذي هو الشوق والحبّ ، بل الكلام في الوجوب الّذي هو اعتبار اللابدّيّة وجعل شيء على عاتق العبد ، وأنّه هل تعلّق بالمقدّمة كما تعلّق بذيها أم لا؟ وإلّا لا معنى للنزاع في الأمر النفسانيّ ، إذ هو ليس قابلا للوضع والرفع. ومن الواضح أنّ الوجدان شاهد على خلافه.
الثالث : ما أفاده في الكفاية (٢) أيضا من وجود الأوامر الغيريّة المولويّة ، كالأمر بالوضوء والغسل وغير ذلك. وهذا دليل على وجود مناط الأمر الغيري في جميع المقدّمات ، إذ لا فرق في البين.
وفيه : ما تحقّق في محلّه من أنّ الأوامر المتعلّقة بالأجزاء والشرائط كلّها إرشاد إلى الجزئية والشرطيّة والمانعيّة ، فهي أوامر إرشاديّة لا مولوية.
الرابع : ما عن أبي الحسن البصري (٣) من أنّه لو لم تجب المقدّمة لجاز تركها ، وحينئذ لو بقي الواجب على وجوبه ، يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإلّا
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٦.
(٢) كفاية الأصول : ١٥٧.
(٣) نفس المصدر.