ومنها : ما أشار (١) إليه أيضا نقضا ، وهو : أنّه لو كان عدم أحد الضدّين مقدّمة للضدّ الآخر ، فليس إلّا بواسطة التضادّ والتنافي بين العينين والتمانع بينهما ، وهذا التنافي والتعاند موجود بين المتناقضين أيضا ، فيلزم أن يكون عدم أحدهما مقدّمة للآخر ، وأن يكون [ـ مثلا ـ] عدم البياض مقدّمة للبياض ، أو عدم عدمه مقدّمة لعدم البياض ، وهو باطل بالضرورة.
أقول : يمكن إبداء الفرق بين المقامين بأنّ عدم أحد الضدّين حيث إنّه ملازم للضدّ الآخر فمن الممكن مقدّميّة أحد المتلازمين للمتلازم الآخر ، بخلاف المتناقضين ، فإنّ من الواضح أن لا ملازمة بين عدم أحدهما مع عين الآخر ، بل عدم أحدهما عين الآخر ، وعدم البياض عين العدم الّذي هو بديله للبياض ، فلا يمكن أن يكون مقدّمة لبديله ، لأنّ لازمه تقدّم الشيء على نفسه.
نعم ، ربما يتوهّم ذلك في طرف العدم ، وأنّ عدم عدم البياض ملازم لوجود البياض ، فيمكن أن يكون مقدّمة له.
ولكن بالتأمّل يظهر أنّه ليس كذلك ، إذ ليس لعدم الشيء عدم ، وإلّا لتسلسل ، بل كلّ ماهيّة إمّا في دار التحقّق متحقّقة أولا ، فإذا تحقّقت ، يقال : إنّها موجودة ، وإلّا فمعدومة ، فعدم عدم البياض عبارة أخرى عن البياض ، لا أمر آخر ملازم له ، فلا فرق بين الطرفين من حيث عدم الملازمة بين عدم أحدهما مع عين الآخر وعدم المقدّميّة بينهما.
ومنها : ما في الكفاية (٢) أيضا من أنّ لازم القول بالمانعية في المقام هو الدور.
بيانه : أنّ للمانعيّة أثرين :
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦١.
(٢) كفاية الأصول : ١٦١.