وبديله في مرتبة واحدة من دون أن يكون هناك تقدّم وتأخّر أصلا.
وما أفاده بظاهره فاسد ، فإنّ الملاءمة والمناسبة بين شيئين أو أكثر لا توجب اتّحاد الرتبة بينهما ، ضرورة أنّ بين العلّة والمعلول ، وبين الشرط والمشروط ، وبين السبب والمسبّب كمال الملاءمة والمناسبة والسنخيّة ، كالنار والحرارة ، مع أنّ النار متقدّمة على الحرارة رتبة.
ومنها : ما أفاده أيضا في الكفاية (١) من أنّ البياض ـ مثلا ـ حيث إنّه في مرتبة السواد ـ إذ لا تقدّم لأحد الضدّين على الآخر عند أحد ـ والبياض ونقيضه الّذي هو عدم البياض أيضا في مرتبة واحدة ، فنرتّب قياس المساواة ، ونقول : البياض متساو مع السواد في الرتبة ، والسواد مساو لعدم السواد ، فالبياض مساو لعدم السواد ، لأنّ مساوي مساوي الشيء مساو لذلك الشيء ، وهكذا في الطرف الآخر ، فإذا تساوت رتبتهما ، بطلت مقدّميّة عدم أحدهما للآخر.
أقول : هذا وإن كان صورة برهانا صحيحا إلّا أنّه بالدقّة صورة برهان (٢) ، وذلك لأنّه يمكن أن يفرض شيئان بينهما تقدّم وتأخّر ، ويكون عدم أحدهما مع وجود الآخر مساويا في الرتبة ، كما في النار والحرارة ، فإنّ النار متقدّمة على الحرارة بالعلّيّة ولكن عدمها مساو مع الحرارة في الرتبة ، ولم لا يجوز أن يكون باب الضدّين من هذا القبيل؟.
نعم ، هذا تمام في الزمانيّات ، كما إذا تحقّق قيام زيد في زمان وجود عمرو هو في زمان موت بكر ، فينتج أنّ قيام زيد في زمان موت بكر ، لكن في غير التقدّم بالزمان فلا ، والمناط وجود ملاك التقدّم وعدمه.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦٣. أشار إليه في ضمن قوله : «قلت».
(٢) كذا.