يقول : إنّه لو قطع النّظر عن المانع ، المقتضي لكلّ من الضدّين موجود في نفسه ، ولو لا المانع ـ وهو وجود الضدّ الآخر ـ كان مؤثّرا يقينا.
وإن كان المراد أنّ وجود المقتضي لكلّ منهما في نفسه وفي طبعه أيضا محال ومحاليّة اجتماع الضدّين تسري إلى المقتضي بهذا المعنى أيضا ، فهو غير تامّ بداهة أنّ السواد في طبعه ممكن من الممكنات وهكذا البياض ، وأيّ برهان يقتضي أن لا يكون للسواد في نفسه مقتض مع أنّه ممكن يمكن أن يوجد بوجود علّته؟ ولم لا يجوز أن يكون لكلّ من الضدّين مقتض مع جميع الشرائط إلّا أنّ أحد المقتضيين يؤثّر أثره فيوجد ، والآخر لا يؤثّر لمزاحمة الضدّ الآخر وممانعته؟ كما إذا كان هناك رجلان قويّان يريد أحدهما تحريك حجر في آن والآخر تسكينه في هذا الآن بعينه ، أليس المقتضي لكلّ من الحركة والسكون موجودا فيما إذا حرّك أحدهما ومنع الآخر فلم يقدر على التسكين؟ وهكذا العكس. وأ ليس عدم التسكين مستندا إلى المانع؟
والحاصل : [أنّه] لا يمكن إنكار مانعيّة أحد الضدّين عن الآخر بهذا البرهان ، فإنّه مساوق لإنكار أصل المانعيّة في العالم ، فإنّ وجود كلّ معلول مقترنا مع المانع ممتنع ذاتا ولا يمكن أن يكون له مقتض ، فلا يستند عدمه إلى المانع ، بل يستند إلى عدم المقتضي ، فإذا لم يستند إليه ، فلا يكون مانعا ، مثلا : يستحيل أن يكون لإحراق الخشب حال رطوبته مقتض ، لأنّه ممتنع ذاتا ، فعدم الإحراق مستند إلى عدم مقتضية لا إلى الرطوبة. وهل يلتزم بذلك أحد؟
ومنها : ما أفاده في الكفاية (١) من أنّه لمّا كان بين وجود أحد الضدّين مع عدم الآخر وبديله كمال الملاءمة والمناسبة ، كان أحد الضدّين مع نقيض الآخر
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦١.