إلى عدم المحاذاة ، فالمقتضي أسبق رتبة من الشرائط ، وهي أسبق رتبة من عدم المانع.
المقدّمة الثانية : أنّ اجتماع الضدّين حيث إنّه محال ذاتا تسري استحالته إلى علّته ـ تامّة أو ناقصة ـ ومقتضية مع الشرائط أو بدونها ، فإنّ ما يكون محالا ذاتا ـ كشريك الباري ـ يستحيل أن يكون له علّة ولو ناقصة ، ضرورة أنّ ذاته آبية عن الوجود وتقتضي العدم ، فكيف يمكن أن يكون له مقتض!؟
إذا عرفت هاتين المقدّمتين ، تعرف أنّه لا يمكن تحقّق المقتضي للضدّين كليهما ، فإذن تحقّق البياض لا يمكن أن يكون عدم السواد مقدّمة له والسواد مانعا عنه ، إذ عند عدمه ووجود الضدّ الآخر ـ أعني السواد ـ لا يمكن أن يكون له مقتض بمقتضى المقدّمة الثانية ، وإذا لم يكن له مقتض ، فعدمه لا يستند إلى وجود السواد بمقتضى المقدّمة الأولى ، بل هو مستند إلى عدم مقتضية ، فالسواد لا يمكن أن يكون مانعا عن وجود البياض ، وإذا لم يكن مانعا ، لم يكن عدمه مقدّمة للبياض ، فبطل القول بمقدّميّة عدم أحد الضدّين للضدّ الآخر. هذا ملخّص ما أفاده قدسسره.
وهذا الّذي أفاده غير مفيد على وجه وغير تامّ على وجه آخر ، لأنّه إن كان المراد من سراية الاستحالة من المحال إلى مقتضية ومن اجتماع الضدّين إلى مقتضي البياض والسواد ـ مثلا ـ معا أن لا يمكن أن يكون للبياض مقترنا مع السواد مقتض ، وهكذا للسواد حال وجود البياض ، لأنّ السواد لا يمكن أن يجامع مع البياض وممتنع بالذات ، فوجود المقتضي لهذا المحال ـ الّذي هو وجود كلّ واحد من البياض والسواد مقترنا مع الآخر وحال وجود الآخر ـ أيضا محال ، فهو مسلّم لكن لا يفيده لإبطال المقدّميّة ، فإنّ للقائل بالمقدّميّة أن