__________________
ـ لاحظ كلّ قيد من قيود متعلّق أمره ورأى أنّ غرضه تعلّق بصرف وجود الطبيعة من دون دخل أيّ خصوصية من الخصوصيّات الفرديّة في حصول غرضه فلا محالة يأمر بالطبيعي على إطلاق وسريانه ، فلا مانع من إطلاق الأمر بالواجب الموسّع بهذا المعنى من الإطلاق.
وتوهّم : أنّ تقييد الطبيعي بخصوص هذا الفرد إذا كان مستحيلا ، فالإطلاق أيضا مستحيل ، فإنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد يكون من تقابل العدم والملكة ، مدفوع بما ذكرنا في بحث التعبّدي والتوصّلي من أنّ تقابلهما في مقام الإثبات وإن كان كذلك إلّا أنّهما في مقام الثبوت متقابلان تقابل السلب والإيجاب.
هذا ، مضافا إلى أنّ استحالة أحد المتقابلين ـ تقابل العدم والملكة ـ لا توجب استحالة المقابل الآخر ، بل ربّما توجب ضرورية الآخر ، كما في علم الممكن بذات البارئ تعالى ، فإنّه مستحيل مع أنّ الجهل به ضروريّ له.
الثاني : أنّ شمول الإطلاق للفرد غير المقدور لغو محض بحيث يقبح التصريح به بأن يقول المولى مثلا : «صلّ في أيّ مكان شئت في السماء أو في الأرض».
وفيه : أنّ غير المقدور شرعا شمول الإطلاق له لا لغويّة فيه ، فإنّ فائدته اكتفاء المكلّف بالفرد المزاحم وتحقّق الامتثال به على تقدير عصيان الواجب المضيّق والإتيان به بل غير المقدور عقلا أيضا ـ إذا أمكن صدوره من المكلّف بلا اختيار منه ـ لا مانع من شمول الإطلاق له لترتّب تلك الفائدة عليه.
نعم ، غير المقدور عقلا إذا لم يمكن صدوره من المكلّف بوجه من الوجوه لا يمكن شمول الإطلاق له ، فإنّه لغو لا فائدة فيه.
الثالث : أنّ زمان المزاحمة لا يمكن التكليف بالطبيعة فيه ، إذ الحصّة المزاحمة منها غير مقدورة شرعا ، فلا يمكن التكليف بها ، وباقي الحصص يمكن التكليف بها بعد الإتيان بالمضيّق لا قبله.
وهذا الإشكال وارد على من يرى استحالة الواجب التعليقي. وأمّا على المختار من إمكانه فيمكن التكليف فعلا بالجامع بين المقدور وغير المقدور ، فإنّه مقدور ولا يلزم القدرة على متعلّق التكليف حال التكليف.
فالحقّ صحّة ما أفاده المحقّق الثاني قدسسره ، وسيجيء أنّا لا نقول بالترتّب إلّا في المضيّقين اللذين يكون أحدهما أهمّ من الآخر ، وأمّا في الواجبين اللذين يكون أحدهما موسّعا والآخر مضيّقا فيمكن الأمر بهما عرضا ، فلا نحتاج إلى الالتزام بالترتّب. (م).