__________________
ـ لا يكون هذا الكلام بعينه مأمورا به بحيث لو كان آتيا بكلام آخر لم يكن ممتثلا ، وحينئذ نقول بناء على الاقتضاء : يتعلّق النهي بالفرد المزاحم للواجب المضيّق ، وهذا النهي يوجب لا محالة تقييد الأمر بالطبيعة بغير الحصّة المتحقّقة في ضمن هذا الفرد ، فبناء على اعتبار الأمر في صحّة العبادة لا يمكن تصحيح هذا الفرد ، لعدم الأمر به على الفرض وتقييد الأمر بالطبيعة أيضا بغيره.
وأمّا بناء على عدم الاقتضاء فحيث لا يكون الفرد المزاحم منهيّا عنه حتى يقيّد الأمر بالطبيعة بغيره ، والفرد المزاحم كغيره من الأفراد في عدم كونه بنفسه مأمورا به ، وانطباق المأمور به عليه ومصداقيته له بلا تفاوت بين الأفراد في ذلك ، فيمكن الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر بالطبيعة.
وبعبارة أخرى : ما يكون مزاحما ـ وهو الفرد ـ غير مأمور به ، وما هو مأمور به ـ وهي الطبيعة ـ غير مزاحم ، فلا مانع من صحّة الفرد المزاحم إذا أتي [به] بداعي الأمر بالطبيعة ، لعدم لزوم إتيان الفرد بداعي الأمر المتعلّق به ، بل عدم جوازه ، فإنّه تشريع ، لما عرفت من عدم تعلّق الأمر بالفرد بخصوصيّته ، فلو أتي به بهذا العنوان ، يكون باطلا محرّما.
وبالجملة ، لو اعتبرنا وجود الأمر في صحّة التقرّب أو عجزنا عن كشف الملاك ـ لو صحّحنا التقرّب بالملاك ـ لا إشكال في ترتّب هذه الثمرة ، وأنّ الفرد المزاحم للواجب المضيّق يقع فاسدا على القول باقتضاء الأمر للنهي عن ضدّه ، وذلك لتقييد إطلاق الأمر بالطبيعي حينئذ بما يتحقّق في غير هذا الفرد ، ويقع صحيحا على القول بعدم الاقتضاء إذا أتي به بداعي الأمر المتعلّق بالطبيعة ، لعدم ما يوجب تقييد إطلاق الأمر بالطبيعة ، ومع إطلاقه للفرد المزاحم لا وجه للحكم بفساده.
وقد أورد على ذلك بوجوه :
الأوّل : أنّ المأمور به في الواجب الموسّع إمّا أن يكون الطبيعي المتحقّق في ضمن هذا الفرد المزاحم أو الطبيعي المتحقّق في ضمن غيره من الأفراد أو الطبيعي مطلقا.
وبعبارة أخرى : الطبيعي بالنسبة إلى الفرد المزاحم إمّا أن يلاحظ بشرط شيء أو بشرط لا أو لا بشرط. والأوّل غير معقول ، فإنّه طلب للضدّين. والثاني غير مفيد ، إذ عليه الفرد المزاحم لا يكون فردا للمأمور به. والثالث لازمه طلب الضدّين في زمان المزاحمة.
والجواب : أنّ المأمور به هو الطبيعي مطلقا ولا بشرط ، ولا محذور فيه ، لما مرّ غير مرّة أنّ معنى الإطلاق رفض القيود وإلغاؤها بعد لحاظها ، لا أخذها وجمعها ، فالآمر إذا ـ