اتّفاقيّا ، بل الملاك والميزان في جريان الترتّب هو إمكان رفع طلب الجمع بالترتّب ، فكلّما أمكن رفع هذا المحذور بالترتّب يجري الترتّب ، كان التزاحم بين الواجبين دائميّا أو اتّفاقيّا.
الوجه الثاني : أنّ الترتّب إنّما يجري فيما إذا كان عصيان أحد الخطابين دخيلا في موضوع الخطاب الآخر ، وما نحن فيه ليس كذلك ، إذ المفروض أنّ العصيان للجهر ليس شرطا للإخفات ، بل الشرط هو الجهل.
وفيه : أنّ العمدة في باب الترتّب هو الجمع بين الحكمين بحيث لا يلزم منه طلب الجمع ، كان الشرط العصيان أو صرف الترك.
نعم ، في بعض المقامات لا يصحّ الترتّب إلّا بجعل العصيان شرطا ، وهذا ليس إلّا من باب الاتّفاق ، وإلّا فجريان الترتّب غير منحصر بهذا المورد.
الوجه الثالث : أنّ الترتّب إنّما يجري في الضدّين اللذين يكون لهما ثالث ، بخلاف المقام ، فإنّ الجهر والإخفات والقصر والإتمام يكونان من الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، فلا يجري الترتّب فيهما.
وفيه : أنّ هذا الكلام وإن كان بظاهره متينا ، إلّا أنّه في الواقع ملحق بالوجهين الأوّلين ، وذلك لأنّ الواجب ليس هو الإخفات في الصلاة أو الجهر ، بل الواجب هو القراءة الجهريّة والإخفاتيّة ، لا قراءة شيء آخر من شعر أو نثر أو غير ذلك ، فضدّ القراءة جهرا ليس منحصرا بالقراءة إخفاتا ، فالحقّ ما ذهب إليه الشيخ كاشف الغطاء.