قائمة بأصل الطبيعة ، فلو تمكّن المكلّف من إتيان الطبيعة غير متخصّصة بخصوصيّة أصلا ، لكان ممتثلا ، لكنّه من المستحيل ، فلا محيص عن اختيار أحد الأفراد ، وهذا معنى كون التخيير في الأفراد عقليّا.
وبالجملة ، متعلّق الأمر هو الطبيعة ، وقد مرّ مرارا أنّ الإطلاق عبارة عن رفض القيود ، لا أخذها حتّى يكون التخيير شرعيّا ، فلا دخل لشيء من الخصوصيّات في الحكم ، بل هي بأسرها ملغاة في نظر الشارع ، والمصلحة قائمة بأصل الطبيعيّ ، فتكون القيود مرفوضة والتخيير عقليّا ، وحينئذ فهذه الخصوصيّات الفرديّة من الزمان والمكان وأمثالهما تكون في نظر الشارع محكومة بحكم آخر غير الحكم المتعلّق بأصل الطبيعة ، ولا منافاة بينهما ، لأنّ الحكمين غير واردين في مورد واحد حتّى يلزم محذور اجتماع الضدّين أو المثلين ، فقد تكون الخصوصيّة واجبة كما إذا نذر إيقاع الصلاة في المسجد ، وقد تكون مكروهة ، وربما تكون محكومة بحكم غيرهما ، فلو كان محرّما ، فمعنى حرمته أنّه مبغوض ، ومعنى وجوب الطبيعي هو الترخيص في الفعل ، ولا شبهة في عدم ملائمة الترخيص مع المنع ، فلا بدّ من تقييد إطلاق الحكم المتعلّق بالطبيعة ، وأنّ طبيعة الصلاة واجبة ـ مثلا ـ إلّا هذه الحصّة منها ، كصلاة الحائض.
فظهر ممّا ذكرنا اختصاص النزاع بالنهي التحريميّ ، إذ هو المنافي مع إطلاق الحكم المتعلّق بالطبيعة ، وأمّا التنزيهي فلا يكون منافيا معه (١) ، ولا نزاع
__________________
(١) أقول : لا يخفى أنّ عدم المنافاة مع الإطلاق يكون في مورد تعلّق النهي بالخصوصيّة ـ وبعبارة أخرى ـ : بتطبيق المأمور به على هذا الفرد المنهيّ عنه ، وهذا وإن كان تامّا إلّا أنّه خلاف المفروض وما هو محلّ النزاع ، بداهة أنّ النهي لم يتعلّق بنفس العبادة بل تعلّق بأمر ـ