المكلّف ، فلو كان هذا الفعل مبغوضا له فلا يفعل.
ولو كان المراد منه النهي عن الملكيّة العقلائيّة ، فهو أيضا كذلك.
نعم ، يمكن نهي العقلاء عن هذا الاعتبار ، أمّا نهي المتعاقدين عن اعتبار العقلاء لا معنى له فيما إذا لم يكن راجعا إلى النهي عن إيجاد السبب ، وهو الموضوع ، وإلّا فلا إشكال فيه في الصورتين ، كما لا يخفى.
ولو كان المراد منه النهي عن اعتبار نفس المتعاقدين ولو لم يكن في العالم غيرهما ، بأن يقول : «أيّها المكلّف لا تعتبر ملكيّة المصحف للكافر» فهذا أمر ممكن معقول ، بل ذكرنا سابقا أنّ حقيقة الإنشاء ليس إلّا الاعتبار النفسانيّ المظهر بمظهر من لفظ أو فعل أو غير ذلك ، فقوله : «بعت» ليس إلّا مظهرا لاعتباره ملكيّة المبيع للمشتري بعوض مخصوص ، ومن الواضح أنّ هذا أمر مقدور قبل النهي وبعد النهي ، إذ هو من الأفعال الاختياريّة للمتعاقدين ، غاية الأمر أنّه من الأفعال الجوانحيّة لا الجوارحيّة ، وهي أيضا يتعلّق بها الأمر والنهي كالأفعال الجوارحيّة.
فاتّضح من جميع ما ذكرنا أنّ النهي عن المعاملة لا يقتضي الصحّة ، كما لا يقتضي الفساد ، وقول أبي حنيفة والشيباني ساقط من أصله ، ولا وجه لموافقة صاحب الكفاية إيّاهما في المعاملات أيضا.
* * *