إثبات أنّه بنحو الترتّب ـ كما في الكفاية (١) ـ لا وجه له ، إذ الالتزام باللزوم مساوق للالتزام بالترتّب (٢) حيث لا إشكال في ترتّب الجزاء على الشرط في مقام الإثبات ، الّذي هو محلّ الكلام ، ولا ريب في دلالة الجملة الشرطيّة عليه بعد دلالتها على الملازمة.
ثمّ إنّه لا ينبغي الريب في ظهور الجملة الشرطيّة في اللزوم بحيث لو علّق أمر على أمر غير مربوط به بوجه ، يكون خلافا لقانون المحاورة ، وخارجا عن القاعدة المتعارفة ، فإنّه من الواضح أنّ تعليق كون زيد ابن عمرو على كون هذا جدارا بأن يقال : «إن كان هذا جدارا فزيد ابن عمرو» يكون ممّا يضحك به أهل اللسان ومن له أدنى اطّلاع على القواعد العربيّة.
وهكذا لا شبهة في ظهورها في الترتّب ، وأنّ الجزاء ثابت على تقدير ثبوت الشرط سيّما إذا دخل الفاء على الجزاء. ولو استعمل أحيانا في غير ما يكون واقع الجزاء مترتّبا على واقع الشرط كما في ترتّب العلّة على المعلول ـ ومرادنا بالعلّة والمعلول ما يعمّ الحكم والموضوع ـ في مثل «إذا كان الممكن موجودا فالصانع موجود» و «إذا كان النهار موجودا فالشمس طالعة» فهو خلاف ظاهر الكلام ، فإنّ ظاهر ترتّب الجزاء على الشرط وتفرّعه عليه هو ترتّب نفس الجزاء وواقعه ، لا العلم به ، كما في ترتّب العلّة على المعلول وما يشبههما ، فإن كان تفرّع نفس الجزاء على الشرط موافقا للواقع ـ بأن يكون الشرط علّة
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٣١.
(٢) يمكن أن يقال : إنّه كما تستعمل الجملة الشرطيّة فيما يكون بين الشرط والجزاء ملازمة ، والجزاء مترتّب على الشرط بلا عناية ورعاية ، كذلك تستعمل فيما لا يكون هناك ترتّب بينهما أصلا بلا عناية ، كما في المتضايفين ، مثل : «إن كانت السماء فوقنا فالأرض تحتنا» فإنّه لا تترتّب تحتيّة الأرض على فوقيّة السماء وإن كانت ملازمة لها ، فللمنكر أن يمنع الترتّب بعد تسليم الملازمة. (م).