الثاني : أنّ مقتضى إطلاق الشرط وعدم ذكر عدل له : تعيّنه ، كما أنّ مقتضى إطلاق الأمر وعدم بيان بدل وعدل لمتعلّقه هو التعيّن ، فكما أنّه في قول المولى : «أكرم زيدا» نتمسّك بالإطلاق ونقول بأنّ إكرام زيد واجب سواء أكرمنا عمرا أم لا ، إذ لو كان له عدل وبدل لوجب التنبيه عليه ، وحيث إنّه بصدد البيان ولم يبيّن ، فنستكشف أنّه متعيّن ، كذلك في قوله : «إن جاءك زيد فأكرمه» نقول : إنّ مقتضى إطلاق الشرط وعدم ذكر عدل له أنّ إكرام زيد واجب على تقدير المجيء ، سواء جاء شخص آخر مثلا أو لا ، فنستفيد الانحصار من إطلاق الشرط ، كما نستفيد التعيين من إطلاق الأمر.
وأورد عليه (١) في الكفاية (٢) بما حاصله : أنّ سنخ الوجوب التعيينيّ مغاير مع سنخ الوجوب التخييريّ ، فإنّه يسقط بإتيان فرد من أفراده ، بخلاف التعيينيّ ، فإنّه لا بدل له ، وواجب على كلّ تقدير ، فيمكن التمسّك بالإطلاق وإثبات التعيين به للوجوب ، لكنّ الشرط لا يختلف بتعدّده وعدمه ، بل سنخه واحد ، وهو ترتّب الجزاء عليه ، سواء كان منحصرا أو متعددا.
أقول : ويمكن التقريب بنحو لا يرد عليه ما أورده ـ قدسسره ـ عليه ، وهو : أنّ الجمل الشرطيّة على قسمين :
أحدهما : ما سيقت لبيان تحقّق الموضوع ووجوده ، كما في «إن رزقت
__________________
(١) أقول : لو كان هذا المستدلّ بصدد إثبات الانحصار بذلك بلا واسطة ، فما أورده ـ قدسسره ـ عليه وارد عليه ، وأمّا لو كان بصدد إثبات أنّ الحكم غير مقيّد بغير هذا الشرط الّذي لازمه الانحصار ، فلا يرد عليه هذا الإيراد ، ويكون استدلاله تامّا تماما غير مدخول فيه ، ضرورة أنّ الحكم يختلف مع انحصار القيد وعدمه ، فيكون هذا التقريب عين التقريب الّذي أفاد سيّدنا الأستاذ دام ظلّه ، ولا فرق بينهما إلّا من جهة التفصيل بين القضايا التي سيقت لبيان تحقّق الموضوع وغيرها. (م).
(٢) كفاية الأصول : ٢٣٤.