في التمسّك بإطلاق الشرط ، وذلك لأنّ معنى رجوع القيد إلى الهيئة أنّ الحكم ووجوب الإكرام لا يكون على كلّ تقدير ، بل هو مقيّد بصورة وجود الشرط ، كما إذا قال : «أنت حرّ في وجه الله بعد وفاتي» في التدبير ، و «هذا المال لزيد بعد وفاتي» في الوصيّة ، فكما أنّ في الوصيّة والتدبير ينشئ فعلا الموصي والمدبّر الحريّة والملكيّة المتأخّرتين ، ويعتبران الآن الملكيّة والحريّة المتأخّرتين ، فكذلك في المقام يجعل الفعل على عهدة المكلّف على تقدير متأخّر ، فالاعتبار والإنشاء فعليّ ولكنّ المعتبر والمنشأ معلّق على أمر متأخّر ، وقد ذكرنا في مبحث المطلق والمشروط أنّه يمكن اعتبار الأمر المتأخّر ، ولا محذور فيه.
فحينئذ يستفاد من قولنا : «إن جاءك زيد فأكرمه» أنّ مفاد الهيئة ـ الّذي هو الطلب عند صاحب الكفاية ، والنسبة الإيقاعيّة عند شيخنا الأستاذ قدسسرهما ، وكون الفعل على ذمّة المكلّف وعلى عهدته على مسلكنا ـ معلّق على هذا الشرط ـ وهو في المثال مجيء زيد ـ ومقيّد بهذا القيد ، وحيث إنّ المتكلّم في مقام البيان وقد أتى بهذا القيد الواحد ولم يذكر له عدلا بأن يقول : «إن جاءك زيد أو عمرو فأكرمه» حتّى يكون القيد أحد الأمرين ، يستفاد أيضا أنّ القيد منحصر بما ذكر ليس إلّا ، كما يستفاد الوجوب التعيينيّ من الإطلاق وعدم ذكر عدل له.
__________________
ـ مقتضى القواعد العربيّة والظهور العرفي أنّ الحكم في الجزاء ـ سواء كان مفادا من الهيئة أو المادّة ـ مقيّد بوجود الجزاء في الجمل الشرطيّة التي لم تسق لبيان تحقّق الموضوع ، وليس محذور عقليّ في تقييد الحكم مطلقا ، فحيث قيّد الحكم بمقتضى هذا الظهور بهذا الشرط ولم يذكر قيد آخر للحكم مع كون المتكلّم في مقام البيان ، فنستكشف أنّ القيد منحصر في ذلك ، ولا يكون هناك شيء آخر دخيلا في الحكم ، ولازم ذلك ثبوت المفهوم للقضيّة ، كما هو واضح. (م).