الدليلين المتعارضين من رفع اليد عمّا أوقعنا في إشكال التعارض والتنافي وإن أمكن العلاج ورفع التنافي برفع اليد عن غيره ، مثل ما إذا ورد «أكرم العلماء» ثمّ ورد «لا تكرم زيدا» فرفع التعارض وإن كان يمكن بأحد أمرين : الأوّل : برفع اليد عن ظهور العامّ في العموم وتخصيصه بغير زيد. والثاني : برفع اليد عن ظهور «أكرم» في الوجوب ، وحمله على الاستحباب ، لكنّه لا موجب لرفع اليد عن ظهور الصيغة في الوجوب ، وذلك لأنّ التنافي لم ينشأ من هذا الظهور ، بل نشأ من ظهور العامّ في العموم والشمول بالنسبة إلى كلّ فرد حتّى «زيد» فلا بدّ من رفع اليد عن هذا الظهور الّذي لأجله وقع التعارض والتنافي بين الدليلين ، وأمّا ظهور الصيغة في الوجوب وأنّ ما سوى «زيد» واجب الإكرام ـ الّذي لا مزاحم ولا معارض له ـ لا موجب لرفع اليد عنه.
وهذه قاعدة كلّيّة شريفة تنفع في فروع كثيرة ، والمقام من صغريات تلك الكبرى الكلّيّة ، إذ ظهور الجملة الشرطيّة في السببيّة المنحصرة وأنّ خفاء الأذان ـ مثلا ـ سبب منحصر للقصر ، ولا يكون غيره سببا حتّى خفاء الجدران صار سببا للتنافي والتعاند وأوقعنا في المحذور ، فلا بدّ بمقتضى تلك الكبرى الكلّيّة من رفع اليد عن هذا الظهور الّذي صار سببا للتعارض ، ونشأ التنافي من أجله ، والقول بأنّ الانحصار ليس حتّى بالنسبة إلى خفاء الجدران ، بل الانحصار يكون بالنسبة إلى غير خفاء الجدران ، ككسوف الشمس وخسوف القمر ونزول المطر وغير ذلك ، ولا موجب لرفع اليد عن الظهور في أصل الانحصار ، كما لا موجب لرفع اليد عن ظهور الجملة في كون الشرط سببا مستقلّا لحصول الجزاء ، إذ التعارض لم ينشأ من شيء من هذين الظهورين ، إذ كلّ من الدليلين يدلّ على أنّ خسوف القمر أو نزول المطر أو الحادث الفلاني لا يوجب القصر ، وكلّ